تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو المشهور الذي قد رواه الإمام أحمد وأبو داود "من فطر صائما فله مثل أجره" فالذي يظهر لي –والله أعلم- أنه خبر وهم الراوي في متنه فقلب متنه والصواب أنه ليس المراد تفطير الصائم وإنما المراد به تجهيز الغازي ولهذا اعتمده البخاري عليه رحمة الله تعالى في الصحيح بقوله "من جهز غازيا فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئا".

ويتفرع عن هذا مسألة ما يتكلم فيه العلماء عليهم رحمة الله تعالى من جهة: هل يحصل للإنسان من أجره تفطير الصائم بإطعامه لقمة لبن أو تمر أو شربة ماء و نحو ذلك وحمل لفظ "من فطر" على المبالغة ونحو ذلك وهذا الخبر لا يصح فيبقى الإنسان على أصله أن الله عز وجل يؤتيه أجرا إن أعان الإنسان على صيام.

ولكن هنا مسألة يحصل إيراده وإن كان لا تعلق لها بإعلال هذا الخبر وهو: إذا قلنا أن المسألة على الإطلاق ولا يثبت فيها خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخصوصه هل يلحق ذلك من سحر صائما حتى يستعد لصيامه؟ نقول هذا يلحقه بل قد يقال أن هذا هو الأولى من جهة الأصول لأن فيه إعانة لأن يستقبل بخلاف من ختم عمل العامل بإعانة بخلاف من أعانه في ابتداء أمره فالنصوص جلها قد تأتي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أعانه في ابتداء الأمر لا من أعانه بعد انتهاء الأمر وإن كان بعد انتهاء الأمر قد جاءت الأدلة فيها كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في كلام النبي عليه الصلاة والسلام في مسألة إعانة المهاجرين لما جاؤوا على المدينة وجعلوا النبي عليه الصلاة والسلام لمن أعانهم من الفضل والمزية والمنقبة مما لا يخفى.

[الحديث الخامس عشر]

ومن الأحاديث أيضا ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر" هذا حديث في الصحيحين ولا غبار عليه لكن ثمة رواية أو زيادة تزاد في بعض الألفاظ "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور" فزيادة "وأخروا السحور" لا أصل لها وهي زيادة منكرة لا تثبت. وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من الصحابة جملة من الأحاديث وفي كثير منها كلام.

والأصل في السحور أن يكون متأخرا ولهذا يسمى سحرا من خفائه فإن الناس حينما يريدون أن يسروا بأمر إما بغزو أو خديعة أو لصوص ونحو ذلك فإنهم يختبؤون في آخر الليل ولهذا يسمى السِّحر سِحرا لخفائه ولطف سببه ويسمى السَّحر وهو مجرى الطعام في الإنسان ولهذا تقول عائشة عليها رضوان الله تعالى كما في الصحيح "توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحر ونحر" يعني بين مجرى الطعام لأنه لا يرى.

ومن الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيام ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من استحباب الجماعة في قيام الليل، وقد جاء في ذلك جملة من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جُلها ضعيفة وأمثلها ما جاء في المسند والسنن عند أبي داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من صلى مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة". هذا الحديث حديث صحيح ولكن قد يقول قائل "فما معنى إيراده هنا والمقصود هو الإعلال؟ " يقال أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم في تفضيل صلاة الجماعة في قيام رمضان لا يعني عدم تفضيل قيام رمضان للمصلي لوحده، ولهذا قد روي عن غير واحد من السلف استحباب صلاة قيام الليل وحده وإن لم يجد جماعة، وعليه من صلى قيام الليل وحده كما يصليها الإمام في المسجد هل يقال أنه لا يتحقق له قيام ليلة؟ لا يقال ذلك، وعليه فإن قول النبي عليه الصلاة والسلام بتفضيل قيام الليل مع الإمام لا يعني جعله أفضل من قيام الإنسان وحده وإنما هذا هو بيان لهذا الفضل فإذا كان الإنسان يغلب على ظنه أنه إن انفرد وحده أبعد للخشوع ونحو ذلك فإن صلاته مع الإمام أفضل وأعظم أجرا، وإذا كان يغلب على ظنه أنه إن صلى وحده أبعد للخشوع وأطول للصلاة فالفضل باق لا فرق بين هذا وهذا ولهذا قد ذهب عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى ومالك وهو مروي عن الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى إلى أفضلية صلاة للمنفرد في قيام الليل وإن كان الذي عليه عمل السلف من الصحابة وأشهرهم عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى ومن جاء بعده من الخلفاء بإقامة صلاة التراويح جماعة وعليه عمل الأئمة من الصحابة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير