تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أهل العلم هذا الحديث وعزوه للبخاري وذكروا لفظه من غير الزيادة، ثم تطرَّقوا للرواية الأخرى بالزيادة على الشكِّ وعزوها إلى مسلم وحده دون البخاري، وهذا التفصيل بعينه هو ما فعله المنذري في الترغيب والترهيب والحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء وابن الهمام في فتح القدير وابن عابدين في حاشيته، ووقع في كلام من خرج الأحاديث القولية عن النبي صلى الله عليه وسلم كالسيوطي في جامعه الكبير والمتقي الهندي في كنز العمال؛ أن ذكرا هذا الحديث من غير الزيادة أصلاً وعزياها إلى الصحيحين، ثم ذكراها مع الزيادة وعلى الجزم وعزياها لخارج الصحيحين من السنن والمسانيد ولم يذكراها للبخاري، ونجد أن جماعة من الشراح تعرضوا لشرح هذا الحديث عند البخاري إما من طريق حبيب المعلم بعينه أو على الإطلاق، ولم يتعرضوا مع هذا لشرح هذه الزيادة البتة أو تخريجها أوالكلام عليها البتة، وهذا ما كان من ابن بطال في شرحه وابن حجر في فتحه والعيني في عمدته والسندي في حاشيته والمناوي في فيض القدير، وليس هذا من عادة الشراح خاصة الحافظ ابن حجر رحمه الله.

فتلخص لنا: أن ذكر هذه الزيادة من طريق حبيب المعلم في صحيح البخاري له ثلاث احتمالات: 1 - أنها موجودة وعلى الجزم. 2 - أنها موجودة لكن على الشك وهذا الاحتمال أقوى من الأول. 3 - أنها غير مذكورة أصلا لاعلى الجزم ولا على الشك، وكذا ليس لها ذكر من رواية ابن جريج ولا من رواية حبيب المعلم في البخاري وهذا احتمال قوي أيضاً، ولولا مقالة الهيثمي في موارد الظمآن وذكره هذه الزيادة على الجزم في الصحيح، لجزمت بخطأ هذه الزيادة في البخاري وأنه لا أصل لها عنده على الجزم، وإنما وقع في النسخ الخطية المتأخرة سقط لكلمة: (أو حجة)، ثم تأملت كلام الهيثمي في موارد الظمآن/كتاب الحج/باب العمرة في رمضان، فذكر حديث ابن عباس رضي الله عنه في قول النبي صلى الله عليه وسلم لأم سليم: "يا أم سليم إن عمرة في رمضان تعدل حجة معي"، ثم قال الهيثمي: "قلت: هو في الصحيح بنحوه من غير تسمية لأبي طلحة وابنه وأم سليم، وقولُه: تعدل حجة معي من غير شك" ا. ه كلامه، فظهر لي أن المراد بقوله:"وقولُه: تعدل حجة معي من غير شك"، أي قوله هنا في ابن حبان؛ لأن هذا هو الواقع إذ جاءت عند ابن حبان في نسخة الهيثمي من غير شك، أما في الصحيح فهي على الشك هذا مراد الهيثمي والله أعلم، وبذا تستقيم النسخ الخطية للمتقدمين من العلماء ولا يظهر بينهم كبير فرق فهي عندهم إما من غير زيادة: "معي"، أو هي عندهم بالزيادة ولكن على الشك: "أو حجة معي"، وغاية الأمر إن وردت الزيادة عند البخاري أن تكون على الشك.

وبعد هذا كله فإنه على فرض وجود الزيادة -على الجزم أو الشك- في رواية حبيب المعلم، فهل هي أصح أم رواية ابن جريج؟ لا شك أن الأصح هي رواية ابن جريج عند الشيخين و (ن في الكبرى، حب)؛ لأنه أوثق وأحفظ وأغلب روايات السنة معه كما سيأتي، وقد تابع جماعة ابن جريج على لفظه من غير الزيادة كابن أبي ليلى عند (حم، طب) وحجاج بن أرطأة عند (حم، شب، هـ، مسند أبي حنيفة)، ويعقوب بن عطاء عند (حب- الإحسان/شعيب-، طب،طس) فرووا هذا الحديث عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه من غير شك، ومقتصرين على قول:"تقضي حجة"، ومن غير زيادة: "معي"، وهذا إن قيل إنها خرجت من فيِّ حبيب وإلا فهذا محل نظر كما تقدم.

وقد وقعت زيادة:"معي" أو ما يدل عليها من رواية جماعة، منهم: عامر الأحول عن بكر بن عبدالله المزني التابعي الجليل عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه وفيه قصة، كما عند (د، خز، طب، طس وقال: لم يرو هذا الحديث عن بكر إلا عامر؛ تفرد به عبد الوارث، ورواه الحاكم في المستدرك؛ وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، هق) وصححه الشيخ الألباني وحسنه الشيخ مقبل في جامعه الصحيح، ومنهم: أبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام؛ من حديث عمارة بن عمير التيمي الكوفي (ن كبرى، طب، الكنى للدولابي) وجامع بن شداد (ن، الكنى للدولابي) كلاهما عنه عن زوجها أبي معقل عند، ووقع اختلاف ظاهر في ألفاظ حديث أبي بكر بن عبدالرحمن كما سيأتي، ومنهم: إبراهيم بن سويد عن هلال بن يسار عن أنس رضي الله عنه عند الطبراني في الكبير وابن عدي في الكامل والعقيلي في الضعفاء وابن عبدالبر في التمهيد، ومنهم: معاذ بن المثنى عن مسدد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير