تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رمضان تعدل حجة معي فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان" في سياق هذا السؤال؛ يجعل المراد من الحديث محتملاً، هل يراد منه أن العمرة في رمضان تعوضها عما فاتها من الحج، ولما كانت حجتها ستقع مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه عرص لها مانع فكان الجواب: "أن عمرة في رمضان تجزي عن حجة معي"؟ أو أن عمرة رمضان تعدل ثواب حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم مطلقاً؟ والأول أظهر والله أعلم، وإنما ذكر المعية في سرد السائل للقصة إنما كان بياناً للواقع وذكرا لزمن هذه الحجة الفائتة، وقرنها حينئذ بالنبي صلى الله عليه وسلم ظاهر جداً؛ إذ كل النفوس تشوفت ورغبت في الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم للحج للتعلم منه ومتابعة مناسكه وحضور هذا المشهد العظيم -وسيأتي مزيد تقرير لهذا الاحتمال في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية-. وأما وقوعها في حديث أنس رضي الله عنه فهذا قد وقع اللفظ فيه صريحاً وهو عند الطبراني في الكبير، ومداره على هلال بن زيد بن يسار وهو متروك الحديث وعدَّ ابن عدي في الكامل والعقيلي في الضعفاء والذهبي في الميزان هذا الحديث من مناكيره، على أن هذه الزيادة لم ترد عند ابن عبدالبر في التمهيد، وأما وقوعها في حديث حجاج بن أرطأة عن عطاء به عند الطبراني في الكبير، فهذا النكارة تلوح فيه من بعيد من جهات عدة، الأولى: أن حجاج بن أرطأة ضعيف كثير الخطأ وهذا منها، إذ خالف ابن جريج وابن أبي ليلى وغيرهما. الثانية: أن حجاج بن أرطأة مضطرب الحديث، وقد اضطرب هنا فزاد: "معي"، والحديث رواه عنه عبدالله بن نمير (حم)، وأبوحنيفة (مسنده)، وعلي بن مسهر (طب) فلم يذكر أحد عنه هذه الزيادة وهذا يدل على اضطراب حجاج في رواية المتن، ووقع عند أبي الشيخ في (جزء ما رواه أبو الزبير عن غير جابر) اضطراب في السند من حجاج إذ جعله من رواية أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه، ولكن في السند إلى حجاج السريَ بن عاصم وهو كذاب، الثالثة: أننا لو أردنا أن ننظر رواية الأكثر لوجدنا أن أكثر الرواة يروونه عن حجاج من غير زيادة "معي حتى قال الطبراني: "زاد أبو معاوية في حديثه (معي) "ا. ه، فجعل هذا من زيادة أبي معاوية، والأظهر والله أعلم إما أن يقال: هذا من اضطراب حجاج لسوء حفظه وعدم ضبطه، أو: ممن فوق أبي معاوية، لأن الحديث يرويه ابن ماجه عن شيخه الحافظ الإمام علي بن محمد الطنافسي، ويرويه ابن أبي شيبة كلاهما من حديث أبي معاوية عن حجاج به وليس فيه هذه الزيادة، ولذا لو أردنا أن نذكر حديث حجاج بن أرطأة مع أحد اللفظين لكان هو أحق أن يلحق بمن لم يذكر هذه الزيادة، وهذا ما فعلته في صدر البحث، وهذا البحث بعينه يقال في هذه الزيادة في ورودها في حديث أبي شهاب الحناط -صدوق يهم- عن ابن أبي ليلى عن عطاء به عند ابن سعد في الطبقات، والصواب مع عبدالله بن نمير (حم)، وعلي بن مسهر (طب) عن ابن أبي ليلى من غير ذكرها.

ثم إن مما يدل على ضعف هذه الزيادة وعدم الجزم بها أن هذا الحديث يرويه جمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عنه مرفوعا، من غير ذكر زيادة: "معي ومنهم: جابر بن عبدالله رضي الله عنه كما رواه عنه (حم، هـ، البخاري معلقاً) من حديث عبيدالله بن عمرو الرقي عن عبدالكريم الجزري عن عطاء عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه، وإسناده صحيح وصححه الشيخ الألباني في مختصره على البخاري وغيره من كتبه، على أن ابن حجر رجح في الفتح شذوذ هذا السند وأن الخطأ فيه من عبدالكريم الجزري إذ جعله عن عطاء عن جابر رضي الله عنه والصواب ما رواه الأكثر عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه، وعلَّق ابن حجر في الفتح على تعليق البخاري لحديث جابر رضي الله عنه بقوله: "وصنيع البخاري يقتضي ترجيح رواية ابن جريج ويومئ إلى أن رواية عبد الكريم ليست مُطَّرَحة؛ لاحتمال أن يكون لعطاء فيه شيخان، ويؤيد ذلك أن رواية عبد الكريم خالية عن القصة مقتصرة على المتن وهو قوله: (عمرة في رمضان تعدل حجة)، كذلك وصله أحمد وابن ماجه من طريق عبيد الله بن عمرو" ا. ه كلام ابن حجر، ومنهم: وهب بن خنبش رضي الله عنه، وقيل: هرم بن خنبش، ووهب أصح كما جزم به البخاري ونقله عنه البيهقي وأقره، وجزم به أبو عيسى الترمذي في سننه والمزي في تهذيب الكمال، وقال: "ومن قال: وهب؛ أكثر وأحفظ" ا. هـ،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير