تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واسعة، ثم إنه مما يقوي عدم سماع الساجي من الإمام أحمد أن الساجي لو سمع من أحمد وأخذ عنه علل الحديث وأحوال الرجال لكان الإمام أحمد من أشهر شيوخه وأجلهم؛ فما بال أئمة العلم لا يذكرونه في تلاميذ الإمام أحمد ولا يذكرون في شيوخ الساجي أحمد بن حنبل، بل لم يشر إلى ذلك أحد من أئمة الحديث المؤرخين كالذهبي في السير وابن حجر في لسان الميزان وقبلهم ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة وغيرهم ممن صنَّف وألَّف في التاريخ وترجم للإمام أحمد أو الساجي، وهذا حتماً ليس غفلة من هؤلاء الأئمة، وإنما لأنه لا يُعرف له سماع أو لقاء مع الإمام أحمد رحمه الله، وكذا إنه مما يقوي عدم سماع الساجي من الإمام أحمد أن الساجي ذكر بعض كلام أحمد بن حنبل في الرجال كما جاءت الرواية عنه في ذلك عند الخطيب في تاريخ بغداد فكان الساجي رحمه الله يذكر راوياً بينه وبين الإمام أحمد ولينظر على سبيل المثال ترجمة الواقدي في تاريخ بغداد، وكذا ذكر الساجي بعض كلام ابن معين في الرجال؛ وكان يقول فيها: "بلغني - أو حُدِّثتُ - عن يحيى بن معين أنه قال .... "، وينظر في ذلك على سبيل المثال ترجمة أبي الزبير المكي في تهذيب التهذيب وترجمة محمد بن عبدالله بن المثنى الأنصاري في تاريخ بغداد، ويحيى بن معين قرين أحمد في العلم والحديث وتوفي بالمدينة وهي مما ارتحل إليها الساجي كما ذكر ابن حجر، ومع ذلك لا يروي عنه سماعاً ولا تحديثاً بل بلاغاً، فهذا كله يدل على أن الساجي إنما أخذ مقالة أحمد وابن معين في الرجال بواسطة ولم يشافههم في ذلك، وكذا يدل على أن الساجي ارتحل في كبره وأنه لم يلق أحمد ولا ابن معين فضلاً عن أن يسمع منهما أو يروي عنهما في الرجال، وإمكان اللقاء شرط مجمع عليه لحصول الاتصال وإثبات السماع كما حكاه مسلم في مقدمة الصحيح، وأما اعتماد الشيخ الألباني والشيخ حماد الأنصاري -في مقدمة الإبانة للأشعري /6 - في إثبات تلمذته على أحمد على مطلق المعاصرة فهذا فيه نظر بيِّن لا يخفى؛ لعدم توفر إمكان اللقاء، ولأن هذه التلمذة ما ذكرها أحدٌ من الأئمة المؤرِّخين. 2 - والوجه الثاني في الجواب عن كلام الإمام أحمد؛ أن النقل عن الإمام أحمد في المنتخب من علل الخلال الذي انتخبه الإمام الفقيه ابن قدامة المقدسي أصح من نقل الساجي، فنقل الخلال إنما ينقله الخلال العارف بأقوال الإمام أحمد ومسائله المقدَّم فيها بلا منازعة عن مهنا بن يحيى وهو تلميذ أحمد ومن أجل أصحابه، والخلال لم يسمع من مهنا، وإنما يروي هذا عن محمد بن علي بن عبدالله الوراق المعروف بحمدان عن مهنا بن يحيى كما بينه ابن الجوزي في العلل المتناهية، والورَّاق هذا له ترجمة في تاريخ بغداد وفي طبقات الحنابلة وهو من تلاميذ الإمام أحمد قال عنه الخطيب: "وكان فاضلاً حافظاً عارفاً ثقة"، فالسند صحيح إلى الإمام أحمد، فالإمام أحمد يرى أن سعيد بن أبي هلال لا بأس به ولم يتعرض له بجرح أو ذمٍّ مع أنه إنما سئل عنه في معرض حديث منكر شديد النكارة وهو حديثٌ عن أمِّ الطفيل امرأةِ أُبي بن كعب، أنها سمعت رسول الله ? يذكر: "أنه رأى ربه في المنام صورة شابٍّ موفر، رجلاه في حضر، عليه نعلان من ذهب، على وجهه فَراشٌ من ذهب"، فلما سأل مهنا الإمامَ أحمد عن هذا الحديث حوَّل الإمام أحمد وجهه، وقال: (هذا حديث منكر)، وأنكر هذا الحديث بشدة أيضاً ابنُ معين وابنُ حبان وابن الجوزي وابن حجر وغيرهم من أئمة العلم، ومع هذا جعل الإمام أحمد العهدة في هذا الحديث على راويين مجهولين، وزكَّى سعيدَ بن أبي هلال، فكلُّ هذا يؤكِّدُ أن الإمام أحمد رحمه الله لا يضعف سعيد بن أبي هلال ولا يرميه باختلاط. 3 - والوجه الثالث في الجواب عن كلام الإمام أحمد؛ أن عبارة الإمام أحمد كما نقلها الساجي ليست صريحة بأن الإمام أحمد يرى أن سعيد بن أبي هلال قد اختلط بمعنى أنه طرأ عليه سوء الحفظ وتغير الذهن بعد أن كان حافظا ثقة؛ وأنه ينبغي النظر فيمن روى عنه قبل الاختلاط وبعده، فهذا هو الاختلاط الذي استقر عليه الاصطلاح، وهو: سوء الحفظ الطاريء على الراوي بعد أن لم يكن، بسبب من الأسباب ككبر السن أو ذهاب البصر وهو الغالب أو احتراق مكتبة ... إلخ، وإذا نظرنا في كلام الإمام أحمد رحمه الله وجدناه يقول: "ما أدري أي شيء يخلط في الأحاديث" اه، فقوله: يخلط، ليس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير