تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات)، وكان كل منهم واسع الخطو في ذكر المختلطين خصوصاً سبط ابن العجمي فإنه سمَّى جمعاً ممن حُكي عنه الاختلاط ولم يثبت عنهم ولم يقتصر على ذكر الثقات من المختلطين، بل يدخل في كتابه كلُّ من عُرف عنه نوع تغير وحتى ولو لم يكن من الثقات، بل ذكر جماعة إنما تغيروا قبل موتهم بقليل ولم يرووا شيئاً حال اختلاطهم وهذا أمر طبيعيٌ واردٌ جدا حتى انتقده في هذا التوسع ابنُ الكيال الشافعي في مقدمة الكواكب النيرات، ومع هذا كله لم يتعرض أحد ممن صنف في المختلطين لذكر سعيد بن أبي هلال، وهذا كله يدعم مقالة الحافظ ابن حجر رحمه الله: "شذَّ الساجي، فذكره في الضعفاء"ا. ه، وأما ذكر الذهبي له في الميزان وابن حجر في اللسان فإنما ذكروه للدفاع عنه والرد على ابن حزم رحمه الله، على أنه يقال أيضاً ليس ذكر الساجي في الضعفاء لسعيد بن أبي هلال يعني أنه يجزم بضعفه، خصوصاً أنه صدَّر مقالته فيه بقوله: "صدوق، كان أحمد يقول .... "، وإنما الغالب فيمن جاء بعد الأئمة الكبار النقاد وألَّف في هذا الفن وكان ناقلاً لكلام النقاد أنهم يذكرون في كتب الضعفاء أصحابَ المناكير ومن استقر تجريحهم؛ ويذكرون أيضاً في كثير من الأحيان كلَّ من تُكُلِّمَ فيه، وهذا ما يقال أيضاً في الكامل لابن عدي والضعفاء للعقيلي، وهو أنهم يذكرون في كتبهم كل من تُكُلِّمَ فيه أو جاء به تجريح عن الأئمة الكبار، وقد صرَّح ابن عدي بهذا في ترجمة أبي بكر عبدالله بن أبي داوود وأنه شرط في كتابه أن يذكر فيه كل من تُكُلِّمَ فيه ولولا هذا لم يذكر أبا بكر بن أبي داوود لجلالته وسعة روايته مع حفظ وأمانة.

2 - لا يشك الباحث عند النظر في كلام الحافظ ابن حجر وجمع عباراته في سعيد بن أبي هلال إضافة إلى تعامله مع حديث سعيد بن أبي هلال؛ أن الحافظ ابن حجر يرى الاحتجاج بسعيد بن أبي هلال وأنه من الثقات الذين يقبل حديثهم ويحتج به مطلقاً، بل هو عنده ممن اتفق الحفاظ على الاحتجاج به، ولكن الذي يؤخذ على ابن حجر رحمه الله أنه فهم من كلام الإمام أحمد أنه يذكر الاختلاط عن سعيد بن أبي هلال، وتقدم معنا أن كلام الإمام أحمد رحمه الله ليس فيه دلالة ظاهرة على أنه يرمي سعيد بن أبي هلال بالاختلاط، ولذا تمسَّك كثير من الباحثين المعاصرين بكلمة ابن حجر هذه في التقريب: "إلا أن الساجى حكى عن أحمد أنه اختلط"، وحكم من خلالها على ابن أبي هلال بالاختلاط وأن هذا هو قول الإمام أحمد.

3 - وهنا مسألة هامة: لو افترض ثبوت الاختلاط عن سعيد بن أبي هلال، فما هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع حديثه؟ هل يُردُّ مطلقا بحجة أن العلماء لم يفصِّلُوا فيمن روى عنه حال الاختلاط ومن روى عنه حال الصحة والضبط؟ هذا قول بعيد وفيه إجحاف في حق هؤلاء الثقات وفيه إهدار لحديث مثل هذا العالم الذي تسابق إليه حفاظ مصر وأئمتها كعمرو ابن الحارث والليث بن سعد ويزيد بن أبي حبيب ويحيى بن أيوب وغيرهم، بل الشيخ الألباني رحمه الله يرفض هذا تمام الرفض وإن من منهج الشيخ الألباني رحمه وغيره في مثل هذه الحالة أنه يُنظر إلى الراوي عنه، حتى إنه - أي الشيخ الألباني - جاء إلى رجل أقل علما وحفظا من سعيد بن أبي هلال، وهو عبدالله بن صالح كاتب الليث الذي كثر خطؤه وساء حفظه جدا حتى اتهمه بعضهم بالكذب، ومع ذلك رجح العلامة الألباني في قبول حديثه أو ردِّه ما قواه الحافظ في مقدمة الفتح، وهو الاحتجاج بحديث عبدالله بن صالح طالما كان من رواية الأئمة الحفاظ النقاد عنه، كالدارمي والبخاري وأبي حاتم، وكل هذا من أجل صيانة حديثه الكثير عن الهدر والضياع خصوصا مع سعة روايته عن الليث بن سعد، ولذا صحح الشيخ الألباني بعض مرويات عبدالله بن صالح كاتب الليث في الأدب المفرد لأنها من رواية البخاري عنه، وكذا نجد الإمام ابن القيم رحمه الله في حاشيته على سنن أبي داوود في كتاب الجهاد (7/ 204 - مع عون المعبود) لما تعرَّض لحديثٍ عن سعيد بن إياس الجريري وهو ممن اختلط قبل موته بثلاث سنين، وراويه عنه يزيد بن هارون وهو ممن صرَّح العلماء بأنه أخذ عن سعيد الجريري بعد الاختلاط، ومع ذلك دافع ابن القيم رحمه الله عن صحة هذا الحديث فقال: "أن هذا إنما يكون علة إذا كان الراوي ممن لا يميِّزُ حديث الشيخ صحيحه من سقيمه، وأما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير