ـ[مجدي فياض]ــــــــ[11 - 02 - 08, 09:09 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل
لكن لي تعليق بسيط وهو أن الترمذي لم يمل إلى تدليس جرير بل حكاه بصيغة القيل مع أن الذي قال ذلك هو شيخه البخاري فكأن الترمذي لم يرتض ذلك والله أعلم فحكى ذلك بصيغة التمريض
كما أنه ليس تفرد قتيبة عن جرير بهذا السند بموجب لضعف الحديث وإلا لو فتح هذا الباب ما استطاع أحد أن يغلقه!!
على أنك أخي الفاضل لم تقنع بتوثيق ابن وضاح لمخلد أما قول البخاري الجبل في حين لم ترتض نفي البخاري أن يكون عمر بن علي مدلس وإن كان عارض البخاري في إثبات تدليس عمر كثيرون!!
بارك الله فيك
وعموما الحديث معناه صحيح ومتفق على العمل به إذ هو مطابق تماما لمعنى حديث " نهى عن ربح ما لم يضمن "
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[11 - 02 - 08, 11:24 ص]ـ
بارك الله في الشيخ أبي حاتم ونفع به.
أخي مجدي: وفقك الله وبارك فيك، ولعلك تخفف حدّة الهجوم والمناقشة، فإنما تنظر في أقوال جهابذة أئمة الحديث وكبار نقّاده وحفّاظه.
ومسألة المذاكرة تحتاج إلى تصوّر قبل النقاش فيها، وقد قال الذهبي -في الموقظة (ص64) -: (إذا قال: حدثنا فلان مذاكرة، دلَّ على وهنٍ ما، إذ المذاكرة يُتسمح فيها). وقد شرح المذاكرةَ بكلامٍ قيِّم الشيخُ إبراهيم اللاحم في شرح الموقظة، الشريط الحادي عشر ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=558171&postcount=9) ( الدقيقة 40:09).
والمذاكرة في عمومها يحصل فيها تسمّح من الرواة،
وقد يروون فيها ما لم يسمعوا،
وبعضهم تحصل له الأخطاء والأوهام فيها،
وبعضهم يذاكر بالأحاديث من حفظه، فإذا توُثِّق منه؛ لم يحدِّث إلا من كتابه.
وجرير بن عبد الحميد صرَّح في إحدى المذاكرات أنه لا يحفظ، واحتاج إلى النظر في كتبه:
قال الحافظ يعقوب بن شيبة -كما في تاريخ بغداد (7/ 256، 257) -: " حدثني عبد الرحمن بن محمد، قال: سمعت أبا الوليد الطيالسي قال:
قدمت الريَّ بعقب موت شعبة ومعي أبو داود الطيالسي،
قال: وحملت معي أصل كتابي عن شعبة،
قال: فكان جرير يجالسنا عند رجل من التجار،
قال: فسمعناه يذكر الحديث، فيُعجب بالحديث إعجابَ رجلٍ سمع العلم وليس له حفظ،
قال: فسمعني أتحدث بحديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن مسلمة؛ حديث صفوان بن عسال -أو حديث علي: إنكما علجان فعالجا عن دينكما-،
قال: فقال: (اكتبه لي)،
قال: فكتبته له، وحدثته به،
قال: وتحدثت بحديث فضالة بن عبيد؛ حديث القلادة، فاستحسنه، وقال: (اكتبه لي)،
قال: فكتبته وحدثته به عن ليث بن سعد،
قال: فقال لي: (قد كتبتُ عن منصور ومغيرة ... ) وجعل يذكر الشيوخ،
فقلت له: حدِّثنا،
فقال: لستُ أحفظ، كتبي غائبة عني، وأنا أرجو أن أوتَى بها، قد كتبتُ في ذاك،
فبينا نحن كذلك، إذ ذكر يومًا شيئًا من الحديث،
فقلت له: أحسب أن كتبك قد جاءت؟
قال: (أجل)،
فقلت لأبي داود: جليسنا جاءته كتبه من الكوفة، اذهب بنا ننظر فيها،
قال: فأتيناه، فنظرت في كتبه أنا وأبو داود " ا. هـ.
فهذا جرير في مذاكرةٍ جرت عقب سنة 160 يقول: لستُ أحفظ، وقتيبة بن سعيد ولد سنة 150، فسماعه بعد سنة 160 في أغلب الظن،
وهشام بن عروة توفي سنة 145 أو بعدها بقليل، فعهد جريرٍ حال سماع قتيبة منه بعيدٌ -نوعًا ما- بمرويات هشام بن عروة،
وكل هذا مما يؤيد وهم جرير في ذكره هشام بن عروة، خاصة أن أشهر راوٍ عن عروة بن الزبير: ابنه هشام، فالألسنة تسبق في حديث عروة إلى هشام.
ويدخل على روايته في المذاكرة احتمالٌ آخر: هو عدم ذكر جريرٍ الواسطةَ بينه وبين هشام، فإنه قد يكون قال في المذاكرة: قد حدَّث هشام بن عروة عن أبيه ... ، يعني: أنه قد جاءني وبلغني الحديث عن هشام بن عروة.
وإنما جاء الحديث من طريق مسلم بن خالد الزنجي، لأنه المتفرد به، وعنه انتشر.
وأبو عوانة روى هذه الرواية عن أبي داود السجزي (وهو السجستاني صاحب السنن)، عن قتيبة. وقد أخرج أبو داود في سننه رواية مسلم بن خالد الزنجي، ثم قال: (هذا إسناد ليس بذاك)، ولو كان يرى رواية قتيبة صحيحةً لأخرجها في سننه (فظاهر إسنادها أقوى بكثير من إسناد مسلم بن خالد)، ولَمَا حكم بضعف الإسناد مع وجود إسنادٍ صحيحٍ يقويه.
والذي وقع في التاريخ الكبير من قول البخاري: (ورواه جرير عن هشام ولم يسمعه من أبيه عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-)، أظنه خطأ، ولعل صوابه: (ورواه جرير عن هشام -ولم يسمعه-، عن أبيه)، يعني: رواه جرير عن هشام ولم يسمعه منه، ويؤيده نقل الترمذي في علله الكبير عن البخاري.
ويظهر أن حكاية الترمذي قول البخاري بصيغة التمريض ليست كافية في الدلالة على أنه يضعِّف هذا القول أو لا يرتضيه، فهو يحكي ما قيل في إعلال الحديث، ولو كان يصحح رواية جرير ويرد إعلالها بعدم السماع لأخرجها، فهي أولى بالتخريج من رواية المقدمي، لأن المقدمي مشهور بالتدليس الشديد، واحتمال تدليسه في هذه الرواية أقوى من احتمال تدليس جرير.
وأما رواية المقدمي،
فالبخاري استغربها ولم يعرفها من حديثه، لكنه لم يعلّها به، فكأنه يعلّها بمن دونه،
وقد تفرد بها عنه -فيما وجدتُ-: يحيى بن خلف أبو سلمة الجوباري، وهذا الراوي لم أجد فيه توثيقًا، وغاية ما فيه أن ابن حبان ذكره في الثقات.
وقد أخرج له مسلم في صحيحه، لكنه إذا أسند عنه عقب بمتابعات له، وقد عُلم أن من منهج أصحاب الصحيح انتقاء ما صح من حديث الراوي.
وعمر بن علي المقدمي روى عنه أحمد بن حنبل، وسليمان بن حرب، وابن أبي شيبة، وعفان، وعمرو بن علي الفلاس، وقتيبة بن سعيد، وبندار، وغيرهم من الثقات الحفاظ، فهذا يثير النظر في تفرد مثل ذلك الراوي عن عمر المقدمي بهذا الإسناد الذي لا يعرف به إلا مسلم بن خالد الزنجي.
هذا للمناقشة والمدارسة، والله أعلم.
¥