تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: والصحيح هو المرسل، فإن معمراً يعد من أوثق الناس في الزهري. قال الدوري عن ابن معين: "أثبت الناس في الزهري مالك ومعمر ثم عد جماعة". وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: "معمر أثبت في الزهري من ابن عيينة"، وقال عثمان الدارمي: "قلت لابن معين: معمر أحب اليك في الزهري أو ابن عيينة أو صالح بن كيسان أو يونس فقال في كل ذلك معمر" (12).

فلا شك في تقديم روايته على رواية إبراهيم بن سعد الذي قال فيه صالح جزرة: "حديثه عن الزهري ليس بذاك لأنه كان صغيرا حين سمع من الزهري". وقال الذهبي: "ليس هو في الزهري بذاك التثبت" (13).

وَقَدْ رَجَّحَ المُرْسَلَ الإمامُ أبو حاتم الرَّازيُّ، وصوَّبه الإمامُ الدارقطنيُّ.

قال الإمام ابن أبي حاتم: " وسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ؛ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُون، وَمُحَمَّد بْنُ مُوسى بنِ أَبِي نُعيم الواسطي، عَن إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْد، عَن الزهري، عن عَامرِ بْنِ سَعْد، عن أَبيه، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ

إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: في النار قال: فأين أبوك قال: "حيث مررت بقبر كافر فبشره بالنار".

فقال: كذا رواه يزيد، وابن أبي نعيم، ولا أعلم أحدًا يجاوز به الزهري غيرهما، إنما يروونه عن الزهري، قال: جاء أعرابي إلى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمرسل أشبه" (14).

وسئل الدارقطنيُّ عن حديث عامر بن سعد عن سعد قال رجل يا رسول الله إن أبي كان يحمل الكل ويفعل ويفعل في الجاهلية قال هو في النار فقال: "يرويه محمد بن أبي نعيم والوليد بن عطاء بن الأغر عن إبراهيم بن وغيره يرويه عن إبراهيم بن سعد عن الزهري مرسلاً وهو الصواب" (15).

وكذا ممن رجَّح المرسلَ من المعاصرين الشَّيخُ أبو إسحاق الحوينيُّ (16) وفقه الله. فعلى هذا تكون الروايةَ المرسلةَ هي المحفوظةُ، وأما المرفوعُ فمنكرٌ. فالحديث ضعيف لأنه مرسل.

إذا عرفت هذا تبين لك أن قول السيوطي عقبه: " وهذا إسناد على شرط الشيخين فتعين الاعتماد على هذا اللفظ وتقديمه على غيره" ساقطٌ لا عبرةَ به.

أما أخونا الشيخ الفاضل أحمد بن صالح الزهراني، فلم يكتشف علة الحديث، فصحح المرفوع وردَّ قول الدارقطني بتصويب المرسل فقال: "فالذي يظهر أن إبراهيم رواه مرة مرسلاً ومرة مسنداً" (17)

قلت: وهذا خطأٌ ظاهرٌ بما بينَّاه من ترجيح المرسل (18).

استدراك:

قول البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه إلا سعد، ولا علم رواه عن إبراهيم بن سعد إلا يزيد بن هارون".

قلت: بل توبع يزيد؛ تابعه محمد بن أبي نعيم الواسطي والفضل بن دكين والوليد بن الأغر.

ثم قال السيوطي: "وقد أخرج ابن ماجه من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم عن أبيه قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم وكان فأين هو قال في النار قال فكأنه وجد من ذلك فقال يا رسول الله فأين أبوك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث مررت بقبر مشرك فبشره بالنار قال فأسلم الأعرابي بعد قال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبا ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار".

قلت: تقدَّم الجواب عنه، وأن الصحيح فيه أنه حديثٌ شاذٌ. فأغنى الإعادة هنا.

ثم قال السيوطي: " ثم رأيت طريقا أخرى للحديث مثل لفظ رواية معمر وأزيد وضوحا وذلك أنه صرح فيه بأن السائل أراد أن يسأل عن أبيه صلى الله عليه وسلم فعدل عن ذلك تجملا وتأدبا. فأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن لقيط بن عامر أنه خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق فقال قدمنا المدينة لانسلاخ رجب فصلينا معه صلاة الغداة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبا فذكر الحديث إلى أن قال فقلت يا رسول الله هل أحد ممن مضى منا في جاهلية من خير فقال رجل من عرض قريش أن أباك المنتفق في النار فكأنه وقع حر بين جلد وجهي ولحمي مما قال لأبي على رؤوس الناس فهممت أن أقول وأبوك يا رسول الله ثم نظرت فإذا الأخرى أجمل فقلت وأهلك يا رسول الله فقال ما أتيت عليه من قبل قرشي أو عامري مشرك فقل أرسلني إليك محمد فأبشرك بما يسوءك. هذه رواية لا إشكال فيها وهي أوضح الروايات وأبينها".

قلت: الحديث الذي أشار السيوطيُّ هو:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير