قال الحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (4/ 605): أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي، ثنا محمد بن سعد العوفي، ثنا يعقوب بن عيسى، ثنا عبد الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم بن الأسود عن عبد الله بن حاجب بن عامر عن أبيه عن عمه لقيط بن عامر: فذكره
وفيه قصة.
قال الحاكم: "هذا حديث جامع في الباب صحيح الإسناد كلهم مدنيون ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي بقوله: "محمد بن سعد ضعيف".
قلت: بل هذا إسنادٌ ضعيفٌ جداً مُسَلْسَلٌ بالضُّعَفَاءِ والمَجَاهيلِ.
محمد بن سعد العوفي قال فيه الخطيب: "كان ليناً في الحديث" (19). ويعقوب بن عيسى قال فيه أبو زرعة: "واهي الحديث"، وقال في موضع آخر: "منكر الحديث" (20)، وقال ابن معين: "أحاديثه تشبه أحاديث الواقدي، يعني تركوا حديثَه " (21). ودلهم بن الأسود قال الذهب: عداده في التابعين لا يُعرف" (22). وعبد الله بن حاجب لا يُعرف. قاله الذهبي (23).
فهل يستقيم معه إحتجاج السيوطي به؟! اللهم لا.
الخلاصة:
بَعْدَ كُلِّ هَذِهِ الْدِّرَاسِةِ الْوَافِيَةِ – أَحْسَبُهَا كَذَلِكَ – لِمَا أَوْرَدَهُ السِّيُّوطِيُّ مِنْ شُبَهٍ لِضَرْبِ حَدِيْثِ مُسْلِمٍ "إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ"، يَتَبَيَّنُ أَنَّ تَضْعِيْفَهُ لِلْحَدِيْثِ ضَرْبٌ مِنَ الْتَّخَرُّصِ وَالْرَّجْمِ بِالْغَيْبِ، وَلا تَعْوِيْلَ عَلَى تَضْعِيْفِهِ لِلْحَدِيْثِ بِهَذِهِ الحُجَجِ الغَوْغَائِيَّةِ الْمَشُوبَةِ بِنَوْعِ عَاطِفَةٍ غَيْرِ مُنْضَبِطَةٍ بِضَوَابِطِ الشَّرْعِ الحَنِيْفِ. فَالْحَدِيْثُ صَحِيْحٌ لاَ إِشْكَالَ فِيْهِ (24). ثُّمَّ بَدَأَ يُوْرِدُ أَحَادِيْثَ أَرَادَ بِهَا مُضَادَّةَ حَدِيْثِ مُسْلِمٍ الْصَّحِيْحِ؛ وَأَنَّى لَهُ ذَلِكَ؟! فَكُلُّ مَا أَوْرَدَهُ ضَعِيْفٌ وَاهٍ لاَ مُسْتَمْسَكَ لَهُ فِيْهَا أَلْبَتَّةَ.
وَصَلَّى الله عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدِ وَ عَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وكتبه
أَبُوْ فَاطِمَةَ فَوَّز الشَّمِّرِيُّ
ــــــــــــ
(1) رسالة "مسالك الحنفا في والدي المصطفى" للسيوطي عفا الله عنا وعنه (2/ 226 - ضمن الحاوي للفتاوي).
(2) انظر: "كتاب "نقض مسالك السيوطي" (ص223) للدكتور الفاضل أحمد بن صالح الزهراني.
(3) انظر هذه الأقوال في "تهذيب الكمال" للمزي (7/ 262 - 264)، وفي "تهذيب التهذيب" للحافظ ابن حجر (1/ 483،481)، (4/ 126).
(4) "الضعفاء" (2/ 291).
(5) "تذكرة الحفاظ" للإمام الذهبي – رحمه الله – (2/ 589)، و"سير أعلام النبلاء" له (12/ 564،432)، وانظر: "مكانة الصحيحين" (ص33 - 41) لشيخنا الدكتور عبد العزيز بن ندى العتيبي – حفظه الله -.
(6) انظر: "شرح مسلم" للنووي (2/ 76 - ط. عالم الكتب).
(7) انظر: "السلسلة الصحيحة" (6/ 182).
(8) كما في تعليقه على "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" للإمام الشوكاني (ص322)، استفدته من كلام الإمام المحدث الألباني – رحمه الله – في "السلسة الصحيحة" (6/ 181).
(9) "الحاوي للفتاوي" (2/ 226).
(10) انظر: "السلسلة الصحيحة" (18).
(11) انظر: لترجمة محمد بن إسماعيل "تهذيب التهذيب" (3/ 512)، ولترجمة زيد بن أخزم "تقريب التهذيب" (2126)، ولترجمة محمد بن مخلد "الجرح والتعديل" (7/ 190)، وقد ذكره (أي: ابن مخلد) ابنُ حبان في "الثقات" (9/ 118).
(12) انظر: "تهذيب التهذيب" (4/ 125).
(13) انظر: "تهذيب التهذيب" (1/ 66). و"تهذيب الكمال" (1/ 94)، و"من تكلم فيه وهو موثق" للذهبي (الورقة: 1).
(14) "علل الأحاديث" (5/ 692 - 693 - بعناية الحميّد والجريسي) لابن أبي حاتم.
(15) "العلل" (4/ 334).
(16) رسالة "الفتاوى الحديثية" له (أسئلة عام 1421هـ).
(17) انظر: كتابه "نقض مسالك السيوطي" (ص228).
(18) قال الشيخ سليم الهلالي – وفقه الله – في تحقيقه لـ"عمل اليوم والليلة" لابن السُنيّ (2/ 674) – بعد أن صحح الحديث – "وخالف إبراهيمَ بنَ سعد معمرُ بْنُ راشد، فرواه عن الزهري به مرسلا: أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10/ 454/12687). قلت (القائل: الشيخ سليم): والوصل زيادة يجب قبولها وإبراهيم بن سعد ثقة حجة؛ كما في "التقريب"، فتارة كان يرويه الزهري هكذا وتارة هكذا فلا تعارض بينهما، والله أعلم" انتهى كلامه.
¥