- نعم، وقع النعاس في بدر، كما وقع في أحد، قال قتادة:" كان النعاس أمنة من الله وكان النعاس نعاسين: نعاس يوم بدر ونعاس يوم أحد" (). وقال ابن كثير:" أما النعاس فقد أصابهم يوم أحد وأمر ذلك مشهور جدا وأما الآية الشريفة () إنما هي في سياق قصة بدر وهي دالة على وقوع ذلك أيضا وكأن ذلك كائن للمؤمنين عند شدة البأس لتكون قلوبهم آمنة مطمئنة بنصر الله وهذا من فضل الله ورحمته بهم ونعمته عليهم" (). لكن حديث أبي طلحة، وكذا حديث الزبير بن العوام يذكران في النعاس الواقع في أحد لا في بدر.
- ويشهد لكون رواية: يوم أحد " هي المحفوظة، ما أخرجه الترمذي والنسائي، وابن أبي شيبة، وأبو يعلى والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبي طلحة: " رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميد تحت حجفته من النعاس فذلك قوله عز وجل: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا} ". قال الترمذي (سنن الترمذي (5/ 229): هذا حديث حسن صحيح، ثم قال: حدثنا عبد بن حميد حدثنا روح بن عبادة عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير مثله. هذا حديث حسن صحيح" انتهى. والله أعلم.
- وقد قال الترمذي عن حديث الباب: هذا حديث حسن صحيح.
- وقال الشيخ الألباني: صحيح.
- وقال الأرنوؤط: إسناد صحيح على شرط الشيخين.
- والحديث من طريق الطبراني في الأوسط: رجاله ثقات، غير عمران القطان؛ فإنه مختلف فيه. والله أعلم.
ثالثًا: غريبه ومعناه:
- النُّعاس: اسما وفِعْلا. يقال: نَعَس يَنْعَسُ نُعاساً ونَعْسةً فهو ناعِس. ولا يقال: نَعْسان. والنُّعاس: الوَسَن وأوّل النَّوم ().
والناعس هو الذي رهقه ثقل قطعه عن معرفة الأحوال الباطنة (). والجمع (نُعَّسٌ) مثل راكع و ركع و المرأة ناعسة و الجمع (نَوَاعِسُ) وربما قيل (نَعْسَانُ) و (نَعْسَى) حملوه على وسنان ووسنى ().
- والمعنى كما قال ابن عباس: أمنهم يومئذ بنعاس غشاهم وإنما ينعس من يأمن ().
رابعًا: ما يؤخذ من الحديث:
- أن النعاس في القتال أمن من الله، وفي الصلاة وسوسة من الشيطان، كما قال ابن مسعود ().
- إثبات كرامات الأولياء، كما هو قول الجمهور، ونازع في ذلك المعتزلة ().
- أن الصحابة من سادات الأولياء ().
- أن الله تعالى مع عباده المؤمنين بالنصر والتأييد تارةً، والتثبيت والسكينة أخرى.
- فيه فضيلة أبي طلحة ?.
- أن الخوف الفطري من الأمور المحسوسة لا لوم فيه، ولا يقدح في إيمان العبد، بل وليس في قدرة العبد الاحتراز عنه ().
- أنه لا مانع من إخبار العبد بما وقع له من الكرامة، إذا أراد بذلك التحدث بنعمة الله تعالى، ولم يخش على نفسه العجب والغرور.
- وفيه: إباحة النعاس في المعارك.
- وفيه: أن الله تعالى لا ينام ولا يجوز عليه النوم، لأن النعاس والنوم أخوان للموت، وهذه الثلاثة نقص في حياة الحي، والله تعالى له الكمال المطلق، فوجب أن يتنزه عن كل ما ينافي كمال الحياة.
ـ[أبو الطيب الروبي]ــــــــ[18 - 02 - 09, 09:36 ص]ـ
حيث إن أحدا من الأخوة لم يعترض- إلى الآن- على وجود هذا التخريج الطلابي القاصر فنواصل إكمال هذه الأحاديث، وبجانب اعتذاري عن القصور العلمي الذي بها، أعتذر أيضا على الأخطاء اللغوية التي قد توجد إذ لا وقت عندي لمراجعتها الآن.
الحديث الثاني
2517 - وبه: عن أنس، أن رسول الله ?، قال: "يعطى الرجل في الجنة قوة كذا وكذا من النساء". قيل: يا رسول الله، ويطيق ذلك؟ قال: "يعطى قوة مائة".
لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا عمران.
أولاً: رجال الحديث: تقدموا في الحديث السابق.
ثانيًا: تخريج الحديث والحكم عليه:
رواه الترمذي (4/ 677) ح (2536) بلفظ: "يعطى المؤمن ... ". وقال الترمذي: صحيح غريب لا نعرفه من حديث قتادة عن أنس إلا من حديث عمران القطان. وابن حبان (16/ 413) ح (7400) , وقال الأرنؤوط معلقًَا عليه: حديث حسن، والطيالسي في مسنده ح (2110)، والبيهقي في البعث والنشور (352)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة (263) كلهم من طريق عمران عن قتادة عن أنس به.
وله شاهد من حديث زيد بن أرقم. أخرجه أحمد (39/ 269/18469)، والدارمي (2/ 431) ح (2825)، وعبد بن حميد (1/ 284) ح (265).
والحديث قال عنه الشيخ الألباني في مشكاة المصابيح (3/ 224): صحيح لشواهده. وصححه أيضًا في الجامع الصغير (14066).
¥