تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا تبين ذلك، فسبيل العزيمة الاقتصار على الصحيح، والوقوف عند الثابت دون ما عداه؛ فإن الزيادة على المشروع غير مشروعة، والمواظبة على الزائد ممنوعة. والله أعلم.

ثالثًا: غريبه ومعناه:

رشد: الرُّشْدُ:الصلاح وهو خلاف الغيّ والضلال وهو إصابة الصواب و (رَشِدَ) (رَشَدًا) من باب تعب و (رَشَدَ) (يَرْشُدُ) من باب قتل فهو (رَاشِدٌ) و الاسم (الرَّشَادُ) ويتعدى بالهمزة و (رَشَّدَهُ) القاضي (تَرْشِيدًا) جعله (رَشِيدًا) و (اسْتَرْشَدْتُهُ) (فَأَرْشَدَنِي) إلى الشيء وعليه وله قاله أبو زيد (2).

رابعًا: ما يؤخذ من الحديث:

- استدل به على جواز التشريك بين ضمير الله تعالى ورسوله (3).

- وفي الحديث: استحباب ذكر هذه الكلمات- وهي المعروفة بخطبة الحاجة- في الخطبة.

- وفيه: دليل أن خطبة الحاجة ليست مختصة بخطبة النكاح، كما قال أبو إسحاق السبيعي (4).

- وفي الحديث: إضافة الشر للنفس، وهي إضافة كسب لا خلق.

- ولا دليل فيه للجبرية، أو القدرية على باطل هؤلاء، أو باطل أولئك. بل اقتران جعل الهداية والإضلال إلى الله تعالى، وإضافة الشر إلى النفس: خير دليل على فساد المذهبين.

- وفيه: حث على الاستعاذة من شرور النفس.

- وفيه: عظم حاجة العبد وفقره إلى توفيق الله وهدايته.

- وفيه: أن الحمد, والاستعانة, والاستعاذة, والاستغفار عبادات محضة؛ ومن ثَم فلا يجوز صرفها لغير الله تعالى.

- وفيه: إثبات الرسالة للنبي ?.

- وفيه: تحقق النبي ? بمقام العبودية، وأن هذا المقام هو أعلى المقامات.

- وفيه أن الهدى والرشاد في الطاعة لله وللرسول، وأن الضلال والغي في معصية الله ورسوله.

- وفيه: أن الله تعالى لا تضره المعصية كما لا تنفعه الطاعة.

- وفيه: أن للمعاصي ضررا على العبد في عاجله وآجله.

- واستدل به وبنظائره، المجتهد الجهبذ ابن تيمية - أعلى الله درجته- على أنه حيث تذكر الطاعة يُعطف اسم الرسول على الاسم الأعظم بحرف الواو، أما حيث تذكر المشيئة فيجعل ذلك بحرف "ثم" (5).


1 - وأكمل الشيخ الألباني كلامه على الحديث فقال (ص16): "وقد تبين لي الآن أنه لو صح إسناده لم يكن منكرًا, بالنظر إلى النبي ?؛ لأن له أن يفعل ما ليس لنا لا سيما وقد ثبت عنه ? مثل ما في هذا الحديث كما سيأتي في كلام النووي فهو من خصوصياته ?".
قلت: ما ذهب إليه الشيخ الألباني هو أحد الوجوه في الجمع بين إنكاره ? على الخطيب الذي قال: "ومن يعصهما فقد غوى", وبين هذا الحديث وأمثاله؛ قال السيوطي في حاشيته على النسائي (6/ 90،91،92): " ... قال القرطبي: ظاهره أنه أنكر عليه جمع اسم الله تعالى واسم رسول الله ? في ضمير واحد, ويعارضه ما رواه أبو داود من حديث بن مسعود, أن النبي ? خطب فقال في خطبته: "من يطع الله ورسوله فقد رشد, ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه". وفي حديث أنس: "ومن يعصهما فقد غوى". وهما صحيحان ويعارضه أيضًا قوله تعالى: ? إن الله وملائكته يصلون على النبي ?. فجمع بين ضمير اسم الله وملائكته؛ ولهذه المعارضة صرف بعض القراء هذا الذم إلى أن هذا الخطيب وقف علي ومن يعصهما. وهذا التأويل لم تساعده الرواية فإن الرواية الصحيحة أنه أتى باللفظين في مساق واحد, وأن آخر كلامه إنما هو فقد غوى, ثم إن النبي ? رد عليه وعلمه صواب ما أخل به, فقال: "قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى". فظهر أن ذمه له إنما كان على الجمع بين الاسمين في الضمير وحينئذ يتوجه الإشكال ويتخلص عنه من أوجه: أحدها: أن المتكلم لا يدخل تحت خطاب نفسه إذا وجهه لغيره, فقوله ?: "بئس الخطيب أنت". منصرف لغير النبي ? لفظًا ومعنىً. وثانيها: أن إنكاره ? على ذلك الخطيب يحتمل أن يكون كان هناك من يتوهم التسوية من جمعهما في الضمير الواحد؛ فمنع ذلك من أجله, وحيث عدم ذلك جاز الإطلاق. وثالثها: أن ذلك الجمع تشريف, ولله تعالى أن يشرف من شاء بما شاء, ويمنع من مثل ذلك الغير, كما أقسم بكثير من المخلوقات ومنعنا من القسم بها؛ فقال سبحانه وتعالى: ? إن الله وملائكته يصلون على النبي ?. ولذلك أذن لنبيه ? في إطلاق مثل ذلك, ومنع منه الغير على لسان نبيه ?. ورابعها: أن العمل بخبر المنع أولى لأوجه؛ لأنه تقييد قاعدة والخبر الآخر يحتمل الخصوص كما قررناه, ولأن هذا الخبر ناقل والآخر مبقي على
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير