3) وحديث عبد الله بن مسعود عند الطيالسي (362) , وأحمد (3922) , والنسائي في الكبرى (66559)، وابن ماجه (3435)، وابن حبان (6167) , والحاكم (7491) ولفظه: "إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء إلا الهرم, فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشج". وفي بعض ألفاظه: "علمه من علمه، وجهله من جهله". وفي مسند أبي حنيفة (284): "إلا السام، وهو الموت". قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وحديث أسامة بن شريك عند ابن حبان (486)، والحاكم (8206) , بلفظ: "كنا عند النبي ? كأن على رؤوسنا الرخم ما يتكلم منا متكلم, إذ جاءه ناس من الأعراب فقالوا: يا رسول الله, أفتنا في كذا, أفتنا في كذا. فقال: "أيها الناس, إن الله قد وضع عنكم الحرج إلا امرءًا اقترض من عرض أخيه فذاك الذي حرج وهلك". قالوا: أفنتداوى يا رسول الله؟. قال: "نعم فإن الله لم ينزل من داء إلا أنزل له دواء غير داء واحد". قالوا: وما هو يا رسول الله؟. قال: "الهرم". قالوا: فأي الناس أحب إلى الله؟. يا رسول الله؛ قال: أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقًا". وقال الحاكم: حديث أسامة بن شريك الذي عللاه الشيخان ? بأنهما لم يجدا له راويًا عن أسامة بن شريك غير زياد بن علاقة، وهذا حديث صحيح الإسناد فقد رواه عشرة من أئمة المسلمين وثقاتهم عن زياد بن علاقة. وقال الذهبي في التلخيص: صحيح.
4) وحديث صفوان بن عسال المرادي: أخرجه الحاكم في المستدرك (7427) بلفظ: يا رسول الله, أنتداوى؟. قال: "تعلمن أن الله تعالى لم ينزل داء إلا و أنزل له دواء غير داء واحد". قالوا: وما هو؟. قال: "الهرم". قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد, ولم يخرجاه. وقال الذهبي: صحيح.
ثالثًا: غريبه ومعناه:
- داء: (الدَّاءُ) المرض وهو مصدر من (دَاءَ) الرجل و العضو (يَدَاءُ) من باب تعب والجمع (الأَدْوَاءُ) مثل باب وأبواب وفي لغة (دَوِيَ يَدْوَى دَوًى) من باب تعب أيضا عمى (5).
- دواء: الدَّوَاءُ ممدود واحد الأَدْوِيَةِ (وهو ما يتداوى به) وكسر الدال لغة فيه وقيل الدواء بالكسر إنما هو مصدر دَاوَاهُ مُدَاوَاةً و دِوَاءً و الدَّوَى مقصور المرض وقد دَوِيَ من باب صدي أي مرض و أدْوَاهُ غيره أمرضه و دَاوَاهُ عالجه يقال فلان يدوي ويداوي و تَدَاوَى بالشيء تعالج به (6).
- السام: هو الموت كما جاء تفسيره في الحديث؛ فإن كان عربياً فهو من سام يَسُوم إذا مضِىّ لأن الموت مُضى. ومنه قيل للذهب والفضة سام لمضائهما وجولانهما فى البلاد (7).
قال ابن قتيبة: قال الأصمعي السّام الموت، والبِرْسَامُ بالسُّريانية ابن الموت وذلك إنَّ بِرْ هو الابن والسّام هو الموت، وأخبرني أبو حاتم عنه أنّه يقال وما أدري أيُّ البَرَنْسَاء هو يراد أي الناس هو وأصلُه بالسُّريانية ابن الإنسان. والسَّام في غير هذا عروق الذَهب واحدها سامة وبها سمّي سامة ابن لؤي (8).
- قال ابن القيم: يحتمل أن يكون على عمومه حتى يتناول الأدواء القاتلة، والأدواء التي لا يمكن طبيبًا أن يبرئها؛ فيكون لها أدوية، ولكن طوى علمها عن البشر. أو يكون من العام المراد به الخاص، ولا سيما والداخل في اللفظ أضعاف الخارج منه، ويكون المراد: أن الله لم يضع داءً يقبل الدواء إلا وضع له دواء؛ فلا يدخل في هذا الأدواء التي لا تقبل الدواء (9).
رابعًا: ما يؤخذ من الحديث:
- فيه: رد على من أنكر التداوي (10).
- وفيه: إباحة الاسترقاء ومعالجة الأطباء، وجواز الطب والتطبب (11).
- وفيه: الأمر بالتداوي ومشروعيته (12) , لكن ينبغي أن يقيد هذا بالمباح؛ فإنه لا يشرع التداوي بالمحرم.
- وأن بعض الأدوية لا يعلمها كل أحد (13).
- إثبات الأسباب والمسببات وإبطال قول من أنكرها (14).
- وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله لمن اعتقد أنها بإذن الله وبتقديره, وأنها لا تنجع بذواتها, بل بما قدره الله تعالى فيها (15).
- وفيه: أنه لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرًا وشرعًا, وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل كما يقدح في الأمر والحكمة ويضعفه (16).
- وفيه: أن الأدوية والرقى والتقى هي من قدر الله ().
- تقوية لنفس المريض والطبيب وحث على طلب ذلك الدواء والتفتيش عنه (17).
¥