أحدها: الرفع إلى السماء، ومنه قوله تعالى في آل عمران: (إني متوفيك)، وفي المائدة: (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم).
والثاني: قبض الأرواح بالموت، ومنه قوله تعالى في سورة النساء:
(إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم)
وفي النحل: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين)، وفي تنزيل السجدة: (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم)، وفي المؤمن (غافر): (فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك).
والثالث: قبض حس الإنسان بالنوم، ومنه قوله تعالى في
الأنعام: (وهو الذي يتوفاكم بالليل)، وفي الزمر: (الله يتوفى الأنفس
حين موتها والتي لم تمت في منامها) ... "
قال الرازي في مختار الصحاح " و ف ى: الوَفَاءُ ضد الغدر يقال وَفَى بعهده وَفَاءً و أَوْفَى بمعنى و وَفَى الشيء يَفِي بالكسر وُفِيَّا على فُعُول أي تمَّ وكثُر و الوَفِيُّ الوافي و أَوْفَى على الشيء أشرف و وَافَاهُ حقَّهُ و وَفَّاهُ تَوْفِيَةً بمعنى أي أعطاه وافِيا و اسْتَوْفَى حقَّه و تَوَفَّاهُ بمعنى وتَوَّفاه الله أي قبض روحه و الوَفَاةُ الموت و وَافَى فلان أتى و تَوَافَى القوم تَتَامُّوا "
قال المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف 730 " الوفاة استخلاص الحق من حيث وضع أن الله نفخ الروح وأودع به النفس ليستوفيها بعد أجل من حيث أودعها فكان ذلك توفيا تفعلا من الوفاء وهو أداء الحق ذكره الحرالي وقال أبو البقاء الوفاة الموت وأصله توفية الشيء إذا أخذته كله "
وفي المصباح المنير344 " [و ف ي] وَفَيْتُ:
بالعهد والوعد "أَفِي" به "وَفَاءً" والفاعل "وَفِيٌّ" والجمع "أَوْفِيَاءُ" مثل صديق وأصدقاء، و"أَوْفَيْتُ" به "إِيْفَاءً" وقد جمعهما الشاعر فقال:
أَمَّا ابْنُ طَوْقٍ فَقَدْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ كَمَا وَفَى بِقِلاصِ النَّجْمِ حَادِيهَاوقال أبو زيد: "أَوْفَى" نذره أحسن الإيفاء فجعل الرباعي يتعدى بنفسه وقال الفارابي أيضا: "أَوْفَيْتُهُ" حقه، و"وَفَّيْتُهُ" إياه بالتثقيل، و"أَوْفَى" بما قال، و"وَفَّى" بمعنى، و"أَوْفَى" على الشّيء أشرف عليه، و"تَوَفَّيْتُهُ"، و"اسْتَوْفَيْتُهُ" بمعنى، و"تَوَفَّاهُ" الله: أماته، و"الوَفَاةُ": الموت، وقد "وَفَى" الشيء بنفسه "يَفِي" إذا تمّ فهو "وَافٍ"، و"وَافَيْتُهُ" "مُوَافَاةً": أتيته.
وفي القاموس الفقهي حرف الواو 384 " توفى الله فلانا: قبض روحه
فالله متوفي والانسان متوفى، وفي القرآن العزيز: (إذا قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا) آل عمران: 55."
ذكر أقوال العلماء و المفسرين:.
قال الطبري جامع البيان في تأويل القرآن 6 - 455 وما بعدها " اختلف أهل التأويل في معنى"الوفاة" التي ذكرها الله عز وجل في هذه الآية.
فقال بعضهم:"هي وفاة نَوْم"، وكان معنى الكلام على مذهبهم: إني مُنِيمك ورافعك في نومك.
ذكر من قال ذلك:
7133 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"إني متوفيك"، قال: يعني وفاةَ المنام، رفعه الله في منامه = قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود:"إن عيسَى لم يمتْ، وإنه راجعٌ إليكم قبل يوم القيامة. (ضعيف والاثر مرسل)
وقال آخرون: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض، فرافعك إليّ، قالوا: ومعنى"الوفاة"، القبض، لما يقال:"توفَّيت من فلان ما لي عليه"، بمعنى: قبضته واستوفيته. قالوا: فمعنى قوله:"إني متوفيك ورافعك"، أي: قابضك من الأرض حيًّا إلى جواري، وآخذُك إلى ما عندي بغير موت، ورافعُك من بين المشركين وأهل الكفر بك.
ذكر من قال ذلك:
7134 - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق في قول الله:"إني متوفيك"، قال: متوفيك من الدنيا، وليس بوفاة موت.
7135 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"إني متوفيك"، قال: متوفيك من الأرض.
7136 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"إني متوفيك ورافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا"، قال: فرفعه إياه إليه، توفِّيه إياه، وتطهيره من الذين كفروا.
¥