تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإن كان مدلساً فالمشهور أنه لا يحمل على السماع حتى يبين الراوي ذلك، وما لم يبين فهو كالمنقطع فلا يقبل، وهذا جار على القياس (!!)، إلا أن الجري عليه في تصرفات المحدثين وتخريجاتهم صعب عسير، يوجب اطراح كثير من الأحاديث التي صححوها، إذ يتعذر علينا إثبات سماع المدلس فيها من شيخه، اللهم إلا أن يدعي مدع أن الأولين اطلعوا على ذلك وإن لم نطلع نحن عليه وفي ذلك نظر)) وهذا الذي مشى عليه جماعة من المتأخرين و قلد بعضهم بعضا في هذا حتى أصبح يُظن أنه مذهب الائمة المتقدمين!!!

قال يعقوب بن شيبة السدوسي: ((سألت يحيى بن معين عن التدليس فكرهه وعابه , قلت له: أفيكون المدلس حجة فيما روى أو حتى يقول حدثنا وأخبرنا؟ , فقال: " لا يكون حجة فيما دلّس ")) فتأمل.

قال الشيخ ناصر فرج الله عنه عن كلام ابن معين في كتابه الجامع الماتع (منهج المتقدمين في التدليس): ((يستفاد من هذا ما يلي:

أولاً: أن الإمام يحيى بن معين لم يجعل الحكم للصيغة، بل لثبوت التدليس في نفس الأمر.

ثانياً: أنه قال (لا يكون حجة فيما دلس فيه) / ولا يعرف هذا إلا باعتبار باعتبار الحديث وسبر الروايات.

ثالثاً: أن المدلس حجة فيما لم يدلس فيه وإن عنعن)).

وقال ابن حزم في الإحكام (131/ 1 ... ): ((وأما المدلس فينقسم إلى قسمين: أحدهما: حافظ عدل ربما أرسل حديثه، وربما أسنده، وربما حدث به على سبيل المذاكرة أو الفتيا أو المناظرة، فلم يذكر له سنداً، وربما اقتصر على ذكر بعض رواته دون بعض.

فهذا لا يضر ذلك سائر رواياته شيئاً لأن هذا ليس جرحا ولا غفلة

لكنا نترك من حديثه ما علمنا يقينا أنه أرسله وما علمنا أنه أسقط بعض من في إسناده ونأخذ من حديثه ما لم نوقن فيه شيئاً من ذلك , وسواء قال: (أخبرنا فلان)، أو قال: (عن فلان)، أو قال: (فلان عن فلان)، كل ذلك واجب قبوله، ما لم يتيقن أنه أورد حديثاً بعينه إيراداً غير مسند.

فإن أيقنّا ذلك تركنا ذلك الحديث وحده فقط وأخذنا سائر رواياته.

وقد روينا عن عبد الرزاق بن همام قال: " كان معمر يرسل لنا أحاديث فلما قدم عليه عبد الله بن المبارك أسندها له " , وهذا النوع منهم كان جلة أصحاب الحديث وأئمة المسلمين كالحسن البصري، وأبي إسحاق السبيعي، وقتادة بن دعامة، وعمرو بن دينار، وسليمان الأعمش، وأبي الزبير، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وقد أدخل علي بن عمر الدارقطني فيهم: (مالك بن أنس) ولم يكن كذلك، ولا يوجد له هذا إلا في قليل من حديثه أرسله مرة وأسنده أخرى ... ))

قال أبو داود في سؤالاته (ص:199): ((سمعت أحمد سئل عن الرجل يعرف بالتدليس يحتج فيما لم يقل حدثني أو سمعت؟ قال: " لا أدري " , فقلت: الأعمش متى تصاد له الألفاظ؟ قال: " يضيق هذا "، أي أنك تحتج به)) , فهل خفي على إمام الائمة احمد بن حنبل أن المعروف بالتدليس ليس بحجة فيما لم يقل فيه حدثني أو سمعت؟!!!! , كلا لكنه رضي الله عنه على ما قدمنا من أن مجرد العنعنة لا تكفي لرد حديث المدلس الذي لم يغلب عليه التدليس , وقال الحميدي (عبد الله بن الزبير): ((وإن كانم رجل معروفاً بصحبة رجل والسماع منه مثل ابن جريج عن عطاء أو هشام بن عروة عن أبيه وعمرو بن دينار عن عبيد بن عمير ومن كان مثل هؤلاء في ثقتهم ممن يكون الغالب عليه السماع ممن حدث عنه فأدرك عليه أنه ادخل بينه وبين من حدث رجلاً غير مسمى أو أسقطه ترك ذلك الحديث الذي أدرك عليه فيه أنه لم يسمعه ولم يضره ذلك في غيره حتى يدرك عليه فيه مثل ما أدرك عليه في هذا فيكون مثل المقطوع))

ولا أظن أن ما نقلتُهُ يخفى عليكم أخي الحبيب , لكني أردت أن أبين مذهبي في قضية التدليس , ومن حديث هذا الضرب في الصحيحين الشيئ الكثير مما لم يصرحوا فيه بالسماع , و قول بعضهم أنهم لا يخرجون لهم إلا ما اطلعوا على تصريحهم بالسماع فيه في موضع آخر , فهذا مجرد ظن و رجم بالغيب ليس عليه دليل وقد سئل الحافظ ابو الحجاج المزي عن هذا فقال أنه ليس فيه إلا تحسين الظن بهما جاء هذا في سؤالات السبكي للمزي قال: ((هل وجد لكل ما روياه [البخاري ومسلم] بالعنعنة طرق مصرح فيها بالتحديث؟ فقال (المزي): " كثير من ذلك لم يوجد وما يسعنا إلا تحسين الظن ")) [النكت636/ 2] , والصواب أن مذهب الشيخين و غيرهما من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير