1 - العقيدة: يتعلم من هو ربه، ودينه، ونبيه؟، فهذه هي الأشياء التي سيسأل عنها كل مسلم في قبره، ولا ينبغي له معرفة كل جزئية بدليلها، ويدخل في هذا التعلم معرفة أركان الإيمان الستة المذكورة في حديث جبريل على وجه الإجمال، فأقول أخي الكريم:
اقرأ" الأصول الثلاثة" للشيخ محمد عبد الوهاب مع شروحها، ثم " كشف الشبهات " و " كتاب التوحيد " مع شروحهما وهما للشيخ محمد أيضا، ثم "الواسطية" لابن تيمية، و "لمعة الاعتقاد " للمقدسي، ثم " الطحاوية " للطحاوي "، مع الشروح ثم " سلم الوصول " مع شرحه "معارج القبول: للشيخ حافظ حكمي، والله أعلم.
2 - الفقه: يتعلم ما يصلح أمر دينه كمعرفة الصلاة وشروطها وأركانها وواجباتها، وكذلك الصيام والزكاة إن كان من أصحاب الأموال، والحج إن استطاع إليه، هذا في العبادات، أما المعاملات فإن كان تاجرا فيتعلم أحكام البيوع، وإن كان متزوجا فيتعلم أحكام النكاح والطلاق وغير ذلك، وغير ذلك من الأحكام التي لابد لكل مسلم أن يتعلمها فضلا عن صاحب القرآن، عموما صاحب القرآن أحق بهذه العلوم، فيحاول أن يجعل له وقتا يقرأ فيه شيئا من العقيدة والفقه والتفسير والحديث وغير ذلك، إما أن يظل طوال حياته يقول: رقق فخم مد اقصر قلقل إلى غير ذلك، فأقسم بالله العظيم أن القلب يقسو، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام، والله أعلم.
5 - ويلزمه أيضا أن يحفظ كتابا مشتملا على ما يقرئ به من القراءات أصولا وفرشا , وإلا دخله الوهم والغلط فى كثير.
كمن يريد أن يقرأ القراءات السبع فلأفضل له حفظ متن الشاطبية ليقرأ بمضمنه حتى يسهل عليه معرفة القراءات، وكذلك من أراد العشر الصغرى فعليه أن يحفظ " الشاطبية والدرة "، ومن أراد العشر الكبرى فليحفظ متن " طيبة النشر " لابن الجزري، وكما قالوا: "مَن حفظ المتون حاز الفنون"، واعلم – أخي لكريم – أن حفظ المتن أسهل وأفضل من حفظ كتاب يحوي القراءات، فمَن مِن الناس الآن يحفظ كتاب " التيسير " لأبي عمرو الداني ويقرأ بمضمنه القراءات؟ أظن لا أحد، وإن وجد فقليل جدا، وإنما الذين يحفظون متون القراءات كالشاطبية وغيرها ويقرؤن بمضمن ذلك القراءات عددا لا يحصون، وحفظ المتن أفضل وأقوى في استحضار الدليل.
6 - ولابد للمقرئ من التنبه بحال الرجال والأسانيد، وهذا من أهم ما يحتاج إليه.
وكم من الناس الآن معهم أسانيد ولا يعلمون عن أحوالها شيئا من العلو والنزول، فترى الواحد منهم يقول: أنا شيخي من أعلى الأسانيد، وشيخه ربما يكون سنده نازلا؛ لأنه لا يعرف علو السند من نزوله؛ بل ربما بعضهم في سنده سقط وهو لا يدري، وبعضهم لا يعرف العلو المطلق من العلو النسبي إلى آخر هذه الأمور المهمة التي ينبغي على من أُجيز عموما أن يعلمها وعلى المقرئ خاصة لأهميتها، وقد بين ابن الجزري – رحمه الله – أهمية ذلك في " المنجد " ً 57 فقال:
" وقد وقع لكثير من المتقدمين في أسانيد كتبهم أوهام كثيرة، وغلطات عديدة من إسقاط رجال، وتسمية آخرين بغير أسمائهم، وتصاحيف، وغير ذلك " ا. هـ.
وقال الصفاقسي – رحمه الله – في غيث النفع ص 22:
" علم الأسانيد وهو الطرق الموصلة إلى القرآن وهو من أعظم ما يحتاج إليه لأن القرآن سنة متبعة ونقل محض فلا بد من إثباتها وتواترها ولا طريق إلى ذلك إلا بهذا الفن " ا. هـ
واعلم أخي الكريم أنَّ علو السند قربى من رب العالمين؛ لذا كان السلف الصالح يتسابقون في الإجازة وعلو السند، قيل ليحيى بن معين في مرض موته: ما تشتهي؟ قال: أشتهي إسناداً عالياً وبيتاً خالياً.
ولقد ورد عنهم أنَّه كان عندهم الرحلة في طلب الحديث والقرآن والإجازة أحلى وأفضل من كلِّ الشهوات والملذات، قال الحافظ المحدث ابن عساكر الدمشقي:
لقول الشيخ أنبأني فلان .................. وكان من الآئمة عن فلانِ
إلى أن ينتهي الإسناد أحلى ................ لقبلي من محادثة الحسانِ
ومستمل على صوت فصيح .............. ألذ إلى من صوت القيانِ
واعلم أخي الكريم -رحمني الله وإياك- أنَّه كلما قلَّ عدد الرجال فإنَّ السند يُعتَبَرُ عالياً، وكلما زاد العدد بينك وبين الرسول نزل السند أو قلَّ كما يقول البيقوني في منظومته:
وكل ما قلت رجاله علا ............. وضده ذاك الذي قد نزلا
¥