تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يكن في الوقت توصل إلى إطلاق الألفاظ الدالة على الأفعال ثم الحروف ثم الضمائر في فترات لاحقة كما أوضحه د. على عبد الواحد وافي من قبل.

2 - مدلول كلامه أن اللفظ إذا ذكر بمفرده خال من أية قيود أو إضافات لا ينتج المعنى المقصود منه وبطلان هذا الرأى من البدهيات وها هي معاجم اللغة تذكر الألفاظ ومعناها مجردة من أي قيد أو إضافة وقد ضرب د. المطعني نماذج لذلك من معاجم اللغة وقال في موضع آخر:» ... وكذلك لما نزل قوله تعالى} وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن … {(الآية 45 من سورة المائدة).

لم يفهم المسلمون من العين إلا العضو الباصر ولا من الأنف إلا العضو الشامّ، ولا من الأذن إلا العضو السامع، ولا من السن إلا الجارحة القاطعة. مع أن هذه الألفاظ لم تضف إلى ما حقها أن تضاف إليه، ولكنها عرفت تعريفا يؤدي نفس المعنى الذي تؤديه الإضافة. ولم ينصرف ذهن السامع إلى معنى آخر غير ما هو مراد في أصل اللغة. لأن هذه الألفاظ تخلو من القيود المؤذنة بصرفها عن الظاهر «أ. هـ (المجاز) ص 756 - 757.

يقول الإمام تاج الدين:

» وأما من أنكر المجاز في اللغة مطلقا فليس مراده أن العرب لم تنطق بمثل قولك للشجاع أنه (أسد) فإن ذلك مكابرة وعناد ولكن هو دائر بين أمرين:

أ- أحدهما أن يدعي أن جميع الألفاظ حقائق ويكتفي في كونها حقائق بالاستعمال في جميعها وهذا مسلّم ويرجع البحث لفظيا (أي خلاف لفظياً) فإنه حينئذ يطلق الحقيقة على المستعمل وإن لم يكن أصل الوضع ونحن لا نطلق ذلك.

ب- وإن أراد بذلك استواء الكُلّ في أصل الوضع: فقال القاضي في مختصر التقريب (فهذه مراغمة لحقائق فإنا نفهم أن العرب ما وضعت اسم (الحمار) للبليد، ولو قيل للبليد: حمار على الحقيقة كالدابة المعهودة وأن تناول الاسم لها متساو في الوضع، فهذا دنو من جحد الضرورة).

وكذلك من زعم أن الجدار له إرادة حقيقة تمسكا بقوله تعالى} جدارًا يريد أن ينقض {عد ذلك من مستشنع الكلام «أ. هـ انظر الإبهاج في شرح المنهاج 1/ 298، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 385 بألفاظ متقاربة.

3 - إذا قيل لماذا لا يحمل تعدد المعاني على أنه من المشترك اللفظي بدلا من القول بالمجاز؟ وهو أن اللفظ الواحد يستخدم للتعبير عن أكثر من معنى وعند إطلاقه بدون قرينة لا يتبادر إلى الذهن معنى واحد منهم بل الجميع على قدم المساواة أو كما عرفه الإمام الأصولي ابن الجزري هو:» الموضوع لحقيقتين فأكثر وضعا واحداً «مثاله: كلمة (قرء) مشتركة بين الطهر والحيض، وكلمة (جون) مشتركة بين السواد والبياض، وكلمة (عسعس) مشتركة بين الإقبال والإدبار. قلنا:

أولاً: المشترك خلاف الأصل، لأنه لو كان المشترك هو الأصل لكان اللفظ عند إطلاقه بدون القرينة مجملا لا يعلم المراد منه ولما لم يكن كذلك بل تبادر إلى الذهن أحد هذه المعاني بمفرده فهذا يدل على أن الانفراد هو الأصل.

وأيضاً لو كان الاشتراك هو الأصل لما أمكن الاستدلال بالنصوص على حكم من الأحكام.

ثانياً: أن الاشتراك أقل من الانفراد واستقراء اللغة يدل على ذلك، والقلة دليل المرجوحية.

ثالثاً: أن الوضع يتبع المصلحة والاشتراك فيه مفسدة بالنسبة للسامع وللمتكلم. للسامع لصعوبة الفهم إلا بالقرائن وللمتكلم لصعوبة التعبير واحتياجه إلى إضافة ما يحدد مقصوده وهذه المفسدة وإن كانت لا تمنع وجود المشترك فلا أقل من أن تقتضي كونه مرجوحا.

رابعاً: أن المجاز كثير جداً في اللغة وذلك ثابت بالاستقراء وعند تردد الأمر بين الاشتراك والمجاز فحمله على المجاز أولى من حمله على الحقيقة المؤدي إلى الاشتراك لأن المجاز أغلب من المشترك بالاستقراء والحمل على الأغلب أولى وكما يقول العلامة الإسنوي (والكثرة تفيد الظن في محل الشك).

خامساً أن اللفظ يحمل على المعنى المجازي عند وجود القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي وعند عدم هذه القرينة فحمله على المعنى الحقيقي المتبادر للفهم الموضوع له، بخلاف الاشتراك فإنه بدون القرينة يجب التوقف وإهمال اللفظ.

سادساً في حمل اللفظ على المعنى المجازي إثبات للعلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المنقول إليه اللفظ وذلك أقرب إلى مراعاة قصد المتكلم.

سابعاً: في المجاز صور بلاغية رائعة سيتم إهمالها حين الأخذ بالاشتراك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير