تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى فرض ان المجاز موجود ومستحب .. فهذا يليق بالشعر ...... ولا يليق بالقرآن .. لأن الشعر ينبني على مقولة "أعذب الكلام أكذبه"حيث يغتفر فيه الكذب والمبالغات والادعاءات والمحالات ... لكن القرآن ... مبني على قاعدة: {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} الطارق.14.وعلى قاعدة تنزيه كلام الله ان يشبه كلام الشعراء: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ} الحاقة41.

وفى الحقيقة ... ان الانسان الممؤمن ليجد حرجا عقديا كبيرا عندما يقول ..... ان الله سبحانه "يبالغ"عندما يقول كذا وكذا ... او عندما يقول ان النبى صلى الله عليه وسلم ... "زاد على الحقيقة" عندما قال ... كيت وكيت .... ولكن لم لا يتحرجون من القول بوجود الاستعارة فى كلام الله ورسوله ... مع انهم يرون الاستعارة لا تنفصل عن المبالغة بشهادة البيانيين انفسهم؟؟ والعبرة بالمعاني لا بالالفاظ ...

فى الزوائد:

حدثنا العباس بن الفضل ثنا محمد بن عبد الله التميمي قال أخبرني الحسن بن عبيد الله قال حدثني من سمع النابغة الجعدي يقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فانشدته قولي ...

وانا لقوم ما نعود خيلنا ... إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا ...

وننكر يوم الروع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا

وليس بمعروف لنا أن نردها ... صحاحا ولا مستنكرا أن تعقرا

بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وانا لنبغي فوق ذلك مظهرا

فقال النبي صلى الله عليه وسلم الى أين قال قلت الى جنة قال نعم ان شاء الله ..

ولعل فى سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم الى اين ..... معنى الانكار ... من ظاهر مبالغة النابغة رضى الله عنه ... فلما تبين ان الامر حقيقة .... اقره صلى الله عليه وسلم ... هذه والامر يتعلق بالشعر الذي يغتفر فيه ما يغتفر .... فكيف يليق هذا بالنصوص الشرعية ...

وعموما فان الاحاديث التى تنهى عن الاطراء والمدح اشهر من ان تذكر ...

حاول الامام عبد القاهر الجرجاني التخفيف من حدة "أزمة المبالغة"فذهب الى ان المبالغة ليست زيادة فى المعنى بل زيادة فى تقرير المعنى فى نفوس السامعين ... ويمكن ان نصوغ رايه على النحو التالي ...... : ليست المبالغة اثبات الزيادة بل زيادة الاثبات ..... ولتفسير ذلك قال فى "دلائل الاعجاز ":

"أعلمْ أنَّ سبيلك أوّلاً أن تعلم أنْ ليستِ المزيّةُ التي تُثبتُها لهذه الأجناس على الكلام المتروك على ظاهرِه والمبالغةُ التي تدَّعي لها في أنفسِ المعاني التي يقصدُ المتكلمُ إليها بخبرِه ولكنّها في طريق إثباتِه لها وتقريرِه إيّاها. تفسيرُ هذا أنْ ليس المعنى إذا قلنا: " إن الكنايَة أبلغُ منَ التَّصريح " أنّك لمّا كنيتَ عن المعنى زدتَ في ذاته بل المعنى أنّك زدتَ في إثباتهِ فجعلتَه أبلغَ وآكد وأشدَّ. فليستِ المزيّةُ في قولهم: " جمُّ الرماد " أنّهُ دلَّ على قِرًى أكثرَ بل المعنى أنك أثبتَّ له القِرى الكثيرَ من وجهٍ وهو أبلغُ. وأوجبْتَهُ إيجاباً هو أشدُّ وادَّعيته دعْوى أنتَ بها أنطقُ وبصحَّتها أوثق. وكذلك ليست المزيّةُ التي تراها لقولك: " رأيتُ أسداً " على قولك: " رأيتُ رجلاً لا يتميَّزُ منَ الأسد في شجاعته وجُرأته " أنّك قد أفدتَ بالأول زيادةً في مُساواته الأسدَ بل أنَّك أفدتَ تأكيداً وتشديداً وقوّة في إثباتك له هذه المساواةَ وفي تقريرِك لها. فليس تأثيرُ الاستعارةِ إذاً في ذاتِ المعنى وحقيقتِه بل في إيجابهِ والحكمِ به وهكذا قياسُ التّمثيل ترى المزيَّةَ أبداً في ذلك تقعُ في طريقِ إثباتِ المعنى دون امعنى نفسه. فإِذا سمعْتَهم يقولون: إنَّ من شأنِ هذه الأجناسِ أن تُكسِبَ المعاني نُبلاً وفضلاً وتوجِبَ لها شَرفاً وأن تفخمَها في نفوسِ السّامعين وترفَعَ أقدارَها عند المُخاطَبينَ فإِنّهم لا يُريدون الشَّجاعةَ والقِرى وأشباهَ ذلك من مَعاني الكلِم المُفردةِ وإنّما يَعْنون إثباتَ معاني هذه الكلِم لمَنْ تثبتُ له ويُخَبَّرُ بها عنه .... "

لكن يبدو ان البلاغيين بعد الجرجاني لم يقتنعوا بهذا المسلك فتعقب الخطيب قول الجرجاني السابق قائلا:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير