تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأجيب عنه بأن الافتراء هو الكذب عن عمد فهو نوع من الكذب فلا يمتنع أن يكون الإخبار حال الجنون كذبا أيضا لجواز أن يكون نوعا آخر من الكذب وهو الكذب لا عن عمد فيكون التقسيم للخبر الكاذب لا للخبر مطلقا والمعنى افترى أم لم يفتر وعبر عن الثاني بقوله أم به جنة لأن المجنون لا افتراء له ....

وقد نقلت النص بطوله ... لاننا سنعود اليه لاحقا لنثبت اضطرابهم فى تعريف الخبر الكاذب ... وحسبنا الآن الاشارة الى ان عمدة المدافعين عن المجاز هو التأويل بنصب القرينة ... وإلا فالمصير الى الكذب حتمي.

قال الصبان فى الرسالة البيانية:

الفرق بين المجاز أعني الكلام المشتمل عليه والكذب بالتاويل .. اي ارادة خلاف ظاهر اللفظ وبنصب القرينة على ان الظن الذى هو المعنى الحقيقي غير مراد فالمتجوز مؤول كلامه وناصب قرينة على ان الظن غير مراد له بخلاف الكاذب ... فإنه يدعي الظن ويريده ويصرف همته الىاثباته مع كونه غير ثابت فى نفس الامر .... مثلا إذا قال قائل:جاءني اسد مع ان الاسد الحقيقي لم يجيء اليه فإن لم يرد ظاهر اللفظ بل اراد الرجل الشجاع الذي يشبه الاسد الحقيقي ونصب على ذلك قرينة .. فالكلام استعارة وإذا اراد ظاهره ولم ينصب قرينة على خلافه فهو كذب .... كذا ذكره القوم ونظر فيه العصام فى رسالته الفارسية من وجوه:

أحدها: كما يشتبه المجاز بالكذب والفارق بينهما ما ذكر كذلك يشتبه المجاز بالخطأ كما اذا كان المجاز فى كلام طلبي مثل قول القائل آمرا الآخر فى مقام لا يتصور فيه الاسد الحقيقي "قاتل الاسد" فالاشتباه هنا ليس بالكذب لكون الكلام غير خبري بل بالخطأ لأن القائل لو اراد الظن كان مخطئا لأنه يكون آمرا بمحال فلا وجه للتخصيص بالكذب.

الثاني:

ان كلامهم هنا يشعر بان المجاز صدق دائما فإنهم قابلوه بالكذب ... وليس كذلك بل هو كسائر الاخبار فى احتمال الصدق والكذب. ..

الثالث:

ان كلامهم هذا يقتضي ان يكون اللفظ المجازي كاذبا باعتبار معناه الحقيقي البتة وليس كذلك إذ يجوز ان يجيء اليه الحيوان المفترس مثلا ايضا ... لكن مجيئه ليس مقصودا بالافادة من الكلام بل المقصود إفادة مجيء الرجل الشجاع ....

وأجاب "المولوي" عن الاول بأن الذي يجب تنزيه الكلام البليغ عن تهمة الاشتباه هو الكذب ولذلك خصوه بالذكر .... وعن الثاني بأن معنى كلامهم أن التأويل ونصب القرينة يدفعان عن المجاز كونه قطعي الكذب .. لا انهما يجعلانه قطعي الصدق .. حتى يرد عليهم ما اورد ........ وعن الثالث بأن القوم إنما حكموا بأن قرينة المجاز إنما تمنع من ارادة المعنى الحقيقي من اللفظ أي تمنع السامع ان يذهب ذهنه الى المعنى الحقيقي .. هو مراد المتكلم من هذا اللفظ لا انها تمنع المعنى الحقيقي من ان يوجد جائيا فى نفس الامر .. فقولك:"يرمي" إنما يمنع ان يكون مراد المتكلم من الاسد الحيوان المفترس لا من يوجد جائيا للمتكلم فى نفس الامر .... "

لا يخفى ان الجواب على الاعتراض الثالث ضعيف ... فمن قال "جاء الاسد يرمي"فقد قصد الاخبار بخبر واحد يتضمن ثلاثة امور: اسد هو انسان ... جاء منتقلا من مكان الى مكان .... وهو فى حالة رمي ...

وجواب المولوي يقتضي فصل الفعل عن الفاعل والحال عن صاحبها ... وليس هذا مراد المتكلم أبدا ... فذهن المستمع يدرك الجملة كلا ... فيفهم ان رجلا شبه بالاسد جاء يرمي ..... ولا يفهم ان اسدا حقيقيا جاء بسبب القرينة ... ولكن لو ثبت ان الاسد الحقيقي هو الذي جاء بدل الشجاع من الناس لكان الخبر كذبا لا محالة .... فلا يزول اعتراض العصام .... عندما قال: ان كلامهم هذا يقتضي ان يكون اللفظ المجازي كاذبا باعتبار معناه الحقيقي البتة وليس كذلك إذ يجوز ان يجيء اليه الحيوان المفترس مثلا ايضا.

ونزيد المسالة تفصيلا فنقول .. :"جاء أسد يرمي"تعبير يلقيه المتكلم للمخاطب .. وقصده ان ينصرف ذهن المتلقي عن الاسد الحقيقي ... بقرينة الاستعارة التصريحية .. وهي فعل "يرمي"فكأن المتكلم قال: افهم أن اي شيء جاء جائز ... لكن الاسد الحقيقي ممنوع من المجيء .... وهذا صحيح على مذهبهم لانهم يزعمون ان القرينة مانعة لا معينة ... لكن احتمال مجيء الاسد ممكن قطعا ... فجاء اضطراب القوم .... وقد تعمدنا الوقوف عند هذه النقطة من البحث .. لما لها من ذيول فى مسالة الاسماء والصفات .... فعندما يثبت الله لنفسه "يدا"يزعم المخالف ان هذا مجاز ... ويقول فى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير