تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اجرائه ... لقد قامت القرينة العقلية وانتصبت لتعلن ... ان اليد الحقيقية ممنوعة لرب العالمين ... ولك مسلكان: ان تكتفي بالقرينة المانعة ولا تعين معنى وراء ذلك .. وهذا هو التفويض .. أو تجتهد لايجاد معنى يعادل اليد ويليق بالرب جل فى علاه ..... اما الاتفاق على ان المعنى الحقيقي غير مراد فهو قطعي عند الفريقين ....

ويقال للفريقين ... ولكن الاسد الحقيقي يجوز ان يأتي .... فلم لا يجوز للمعنى! الحقيقي لليد ان يكون مرادا ايضا ....

وقد حاول الصبان ان يحوم حول الاشكال فقال:"لا يخفى ان هذا الجواب -يقصد جواب المولوي-لا يلاقي الاعتراض الثالث ولا يدفعه .. ويمكن دفعه بأن كلام القوم مفروض فيما إذا كان المعنى الحقيقي منتفيا بدليل قولهم فى التمثيل: إذا قال قائل:"جاءني اسد" مع ان الاسد الحقيقي لم يجىء اليه .. وبفرض ذلك يكون اللفظ المجازي كاذبا باعتبار معناه الحقيقي البتة فافهم ... "

ولكن ماذا يفهم؟

فقولهم "مع ان الاسد الحقيقي لم يجىء اليه .. "هل عرفوه من قول القائل "جاءني اسد" ام من مصدر آخر ......

فإن لم يفهم من الكلام .. كان الخطاب عبثا ... سواء أكان حقيقة ام مجازا ولأصبح نصب القرينة لا معنى له لان القطع بعدم مجيء الاسد ثبت من غير كلام المتكلم ...

وان فهم منه ... بقي الاعتراض السابق ...

فلم يأت الصبان بدافع .... وللدكتور لطفى عبد البديع ان يعلق قائلا:" ... فإن الاعتراض الثالث لا يقوم دونه شيء لأنه يضيق الخناق على كلام القوم بحيث يتهاوى معه ما قالوه فى بيان الفرق من أن المجاز يراد به خلاف الظاهر .. لأن الظاهر فى اللفظ المجازي هو المعنى الحقيقي .. وهذا المعنى فى نفس الامر مما يصح له أن يثبت له المجيء وعدمه ... فإذا ثبت له المجيء فهل تكون ارادة الظاهر فى هذه الحالة الا الصدق؟؟؟

وقبل متابعة مسألة الكذب .. نشير عرضا الى تمسكهم بمفهوم "القرينة" كفيصل بين ما يريد المتكلم وما لا يريد ... فإن كانت القرينة عقلية ... فالمرجع الى الكتاب العظيم لابن تيمية "درء التعارض بين العقل والنقل"وما احسب هذا الكتاب الا كتابا فى البلاغة أراد به شيخ الاسلام .. تفنيد دعوى القرينة العقلية ... التى لهج بها مؤولو الاسماء والصفات ... واعتبروها مانعة من ارادة المعنى الحقيقي ... ولعل الكلام فى هذا يطول .. وحسبي ان ابين عيوب القرينة فى حالة كونها "لفظية" لنبقى داخل دائرة البلاغة فذلك هو مقصودنا الاصلي ....

قال الطرودي التونسي المتوفى سنة1167ه فى شرحه "جامع العبارات فى تحقيق الاستعارات":

القرينة: ما يفصح عن المراد لا بالوضع .. هذا التعريف ذكره الجامي وغيره فى اوائل المرفوعات .. وعللوا بالتقييد بعدم الوضع بأنه لم يعهد ان يطلق على ما وضع بإزائه شيء أنه قرينة .. فقوله: على المراد .. اي مراد المتكلم بقرينة تعريفها أولا .... بما نصبه المتكلم للدلالة على قصده ... واعلم ان نصب المتكلم وقصده مما لا يطلع عليه ... فجعلوا قيام القرينة دليل النصب والاقامة عند انتفاء المانع من السهو .. ولذا قالوا فى مقامات الحذف "لقيام قرينة" دون "إقامة قرينة" ...... (مانعة من ارادته) اي ارادة ما وضع له .... وهذا تمام التعريف .....

وفى بعض مؤلفات الشارح لا بد من قيد آخر وهو ان تكون قرينة على المراد .. فإنه لو لوحظ علاقة ونصب قرينة مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي ولم تنصب قريبة معينة للمعنى المستعمل فيه لا يكون مجازا ...

إلا ان يناقش ويقال: القرينة المعينة شرط دلالة المجاز لا تحققه .. انتهى قاله المحشي (يقصد حفيد العصام)

وفي شرح الشمسية للمحقق التفتازاني القرينة المانعة عن ارادة الموضوع له .. وهي التي لا بد للمجاز منها وهي غير المعينة-بتشديد الياء مع كسرها-

وفى الرسالة الفارسية للشارح: واعلم ان المجاز يكفي فى تحققه القرينة المانعة عن ارادة المعنى الحقيقي وأما القرينة المعينة للمراد فليست شرطا فى التحقق بل فى استعماله وقبوله عند البلغاء .. فإن فقدت كان مردودا الا ان يتعلق بعدم ذكر المعينة غرض .... كالتعميم لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن فيكون مقبولا حسنا فليحرر ...... (انتهى كلام الطرودي بطوله واحالاته .... )

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير