تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هنا لا بد من سؤال: لماذا اصر جمهور البلاغيين ...... على ان القرينة مانعة فقط وليست معينة ... ففى قولهم:أسد يرمي ... يرون القرينة وظيفتها منع فهم الاسد ... وليس من وظيفتها تعيين الانسان الشجاع ... فلو ان الانسان فهم ان الاسد غير مقصود ومع ذلك لم يستطع ان يفهم من هذا الذي جاء ... فالاستعارة تحققت .. ولو لم ندر من هذا الاسد المجازي .....

لا ارى الا جوابا واحدا مقنعا .... لكنه مع الاسف يجعل الشك يحوم حول مصداقية علم البيان كله ... على الاقل من الناحية الابستملوجية ..... :

مرادهم الحقيقي ... تصحيح مذهبي التفويض والتأويل .. وهما مذهبان معتبران معا عند الاشاعرة والماتريدية .. وهم جل من اشتغل بالبلاغة ...

فالمفوض يقول .... يد الله ليست حقيقة قطعا .... فإن قيل له وما المراد منها سكت وفوض ... وفصل البلاغيون قاعدة القرينة ارضاء له .... فالقرينة تمنع ولا تعين .... وهذا هو التفويض ... فلو انهم قالوا بوجوب تعيين القرينة للمعنى المراد لوقع المفوضون فى الحرج ......

افيكون علم البيان علما تبريريا .... واسمحوا لي باستعمال كلمات غريبة: هل البلاغة علم ام اديولوجيا؟

هل جاء هذا العلم ليفسر الظواهر اللغوية تفسيرا علميا موضوعيا ام جاء ليسند المذهب الاشعري؟

وعندي مثال آخر صارخ ... قالوا يجوز ان يكون المجاز ولا حقيقة له ..... ومع ان هذا الكلام اقرب الى المحال ... نصروه وأيدوه ..... وتداولوه فيما بينهم لحاجة فى نفس يعقوب .... قال ابن القيم فى مختصر الصواعق:"لو لم يكن المجاز مستلزما للحقيقة لعري وضع اللفظ للمعنى عن الفائدة ... "

فما معنى ان يوضع اللفظ ولا يستعمل فى الحقيقة ابدا بل يستعمل فى المجاز فقط؟؟

ثم ما الذي ورط البيانيين فى هذا وهم يقولون المجاز فرع عن الحقيقة ... فكيف بفرع ولا اصل له؟؟

الجواب: ان هؤلاء كانوا يفكرون فى اسم الله "الرحمن" ... فالرحمن على مذهبهم "مجاز" ... لان الرحمة رقة تعتري الخ الخ ..... ولكن هل استعمل الرحمن حقيقة؟ يعني هل وجد مخلوق انطبق عليه "رحمن" حقيقة ...

الجواب لا .... إذن فليكن المجاز ولا حقيقة له .... وأضافوا الى هذا ما يشبه الخداع ... فقالوا الدليل على ان المجاز قد لا يكون مسبوقا بالاستعمال الحقيقي ... اسم الله "الرحمن" ... فلبسوا الاسباب والنتائج ... فأوهموا انهم خرجوا الاسم على القاعدة وما كان الا العكس اخترعوا القاعدة لتبرير الفهم الاشعري لاسم الله الرحمن .... فكن على حذر ...

بعد هذا الاستطراد ..... نعود الى مسألة القرينة:

قالوا: "الاسد يرمي .... "الاسد استعارة للانسان الشجاع .. لمه؟ لأن الرمي لا يناسب السبع ... ويمنع فهم "الرمي"الا مسندا للانسان ... لكن ماذا لو كانت قرينتكم "استعارة "اخرى .... ؟ فهل يتسلسل الامر ام يدور؟

هذا الاعتراض ليس افتراضيا .... بل هو حقيقي ... فهم يقررونه ولا ينتبهون الى الدور فى استدلالهم كما سنأخذ من أقوالهم ...

ملاحظة:

وقع في يدي مؤخرا كتاب الدكتور المطعني عن المجاز ..... وهو كتاب ضخم جدا يشتمل على 1147 صفحة بدون احتساب الفهارس ... حشد فيه صاحبه كل ما وجده في طريقه من الفقهاء والمفسرين والأصوليين والبلاغيين ..... وما ذلك بنافعه ......... لأنه لم يحرر محل النزاع مع ابن تيمية ....... فقد اعتقد أن شيخ الاسلام ينكر مثل قولنا:

رأيت أسدا يرمي .......

ويرميه بالتناقض ....... لأن التعبير السابق عربي لا غبار عليه .....

ولو حرر الدكتور محل النزاع مع منكري المجاز لتخلى عن كتابه كله وأعاد البحث جذعا.

ومحل النزاع هو التالي:

عندما يسمع المستمع عبارة: رأيت أسدا يرمي .......

فماذا يحدث في ذهنه:

-هل يكتفي بالسياق اللفظي والحالي فيفهم أن المقصود رؤية رجل يرمي.

-أم لا بد من أن يستحضر صورة الأسد أولا ثم يفهم أن الأسد غير مقصود ثانيا ثم يصحح الفهم بملاحظة القرائن فيفهم أن المقصود رجل ثالثا.

أهل المجاز يقولون لا بد لفهم الجملة السابقة من المرور بالمراحل الثلاث.

ونحن نقول أن الأقرب هو الفرض الأول ..... وندعي أن المرحلة الأخيرة كافية للفهم دون سابقتيها.

وقد رأيت الدكتور عبد العظيم المطعني قد أساء الأدب مع الامامين ابن القيم والامين الشنقيطي رحمهما الله ..... وفي نيتي الرد على مطاعنه إن شاء الله.

ـ[المقدادي]ــــــــ[18 - 04 - 06, 02:36 م]ـ

بورك فيك يا شيخ ابو عبد المعز على هذا الرد العلمي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير