وصنو المبالغة ..... فهل ترضى للقرآن أن يشتمل على هذه الأمور .... لك فقط ان تبرهن أن المجاز بريء من الكذب والادعاء والمبالغة ..... لكن دون ذلك خرط القتاد ... فالمجاز إن انفك عنها لن يبقى مجازا مع الأسف .........
-يفهم من كلامك -أخي - أنه لا يمكن انتاج كلام أو تذوقه بعيدا عن المجاز ..... وقد قاله المطعني أيضا فزعم أن نفاة المجاز يستعملون المجاز ولا ينفكون عنه. فهم متناقضون ...
وستكون لي معه وقفات إن شاء الله. وحسبي الآن أن
أضع بين يديك كلمات كنت علقتها على مجالس الشنقيطي في التفسير ..... لترى كيف تصرف مع ما يدعونه مجازا .... وجاء تفسيره ممتعا للغاية .... وهذا برهان عملي على عكس ما ادعاه السيوطي رحمه الله من أن القرآن لو خلا من المجاز لخلا من شطر الحسن .......
وليس حقيقة الجمال إلا جمال الحقيقة.
مجالس الشنقيطي في التفسير: عذب نمير لا فيه مجاز للتعكير.
صدرت قديما رسالة الإمام الشنقيطي-رحمه الله- "منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز".
وصدرت حديثا أحاديثه في التفسير تحت عنوان: العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير بعناية الشيخ خالد السبت –حفظه الله-.
و هذا الإصدارالأخير قد يثير فضولا علميا-عندي على الأقل- من قبيل:كيف سيكون صنيع الشيخ-وهو المنكر للمجاز- أمام تفسير آيات يذهب في شأنها المفسرون إلى أن المجاز فيها ضربة لازب؟ وكيف سينفذ الشيخ عمليا في "مجالسه التفسيرية " ما تقرر عنده نظريا في "منع جواز المجاز".؟
وقد رافقت الشيخ الإمام عبر رحلته التفسيرية فما وجدته –قط- يعرج على المجاز أو يستظل به فضلا عن أن يرفع له شأنا أو يأبه لمن يدعي أن إنكار المجاز مكابرة وأن تفسير القرآن بدونه لا يستقيم ..... فقد استقام التفسير للشيخ وأمتعنا به أي إمتاع ووردناه عذبا نميرا وما كان المجاز إلا للتنحي غيرة على هذا الورد من التعكير.
ولعل استقراء المواضع كلها غير متاح , لكن لا ضير ... فحسبنا أن نضرب أمثالا ونعتبر المذكور دليلا على المطوي:
1 - تحليل الشنقيطي المعجمي ل"القتل" انطلاقا من تفسير قوله تعالى:"فاقتلوا أنفسكم":
قال-رحمه الله- (وقوله "فاقتلوا أنفسكم"كأنهم قالوا: بم نتوب إلى بارئنا توبة يقبلها منا؟ قيل لهم:"فاقتلوا أنفسكم"أو الفاء للتعقيب, لأن هذا القتل عقب الذنب هو الذي حصلت به التوبة.
وأصل "القتل " في لغة العرب:إزهاق الروح بشرط أن يكون من فعل فاعل ,كالطعن, والضرب, والخنق, وما جرى مجرى ذلك, أما إزهاق الروح بلا سبب من ضرب أو نحوه فهو موت وهلاك لا قتل.
وقد تطلق العرب مادة القاف والتاء واللام على غير إزهاق الروح, فتطلقه على التذليل, فالتقتيل: التذليل, وتطلق القتل أيضا على إضعاف الشدة , فمن إطلاق التقتيل على التذليل قول امريء القيس:
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي ... بسهميك في أعشار قلب مقتل.
أي مذلل. وقول زهير:
كأن عيني في غربي مقتلة ... من النواضح تسقي جنة سحقا.
وكذلك يطلق القتل على كسر الشدة , ومنه قتل الخمرة بالماء, أي: كسر شدتها بالماء, كما قال حسان رضي الله عنه:
إن التى ناولتني فرددتها ... قتلت قتلت فهاتها لم تقتل.
يعني بقتلها:إضعاف شدتها بمزجها بالماء.)
ص95
يذكر الشيخ من معاني القتل ثلاثة:
- القتل بمعنى عام إزهاق الروح.
- القتل بمعنى عام هو إضعاف الشدة (التذليل صورة منه).
- القتل بالمعنى السابق لكنه خاص بالخمرة (اضعاف قوتها بالماء).
وقبل تحرير مسلك الشيخ نذكر ما يقرره أهل المجاز في مثل هذه الحالة تمهيدا للمقارنة بين التوجيهين:
سيقولون: القتل وضع لإزهاق الروح فقط .....
فإذا استعمل في غير أو أقل أو أكثر من إزهاق الروح فذالكم مجاز. وهكذا ف"القلب المقتل"عند امريء القيس مجاز حيث شبهت حالة الذل بحالة القتل وشبه المذل –بالكسر-بالقاتل.
والخمرة عند حسان "قتلت" ولما كان القتل لم يوضع إلا لزهق الروح كان التعبير بالخمرة المقتولة مجازا لا محالة: فالخمرة القوية التي ضعفت شدتها بالماء شبهت بالجسد الحي القوي المتحرك الذي نزعت منه الروح فأصبح خامدا خاملا. وهكذا يسلكون مع كل الاستعمالات الأخرى .....
تحت هذا التوجيه تكمن مسلمتان:
- القول بالأصل والفرع:
¥