تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهاهنا أمثلة حاولتُ جمعها بجهدي ذكرتُ فيها بعض الأمور التي ورد لها عن العرب أمثلة كثيرة ومع ذلك لا يقاس عليها حتى عند المعاصرين المدعين، فانظر مثلا لتصريف الأفعال وعُدَّ ما ورد على مثال باب (نصر) أو (قطع) أو (طرب) أو (دخل) أو (نما) أو ... أو ... إلخ تجدها مئات ومع ذلك لا يقاس عليها بلا خلاف.

وانظر مثلا لما ورد عن العرب من التعاقب في باب (السين والشين) أو (الباء والميم) أو (الألف والياء) أو (التاء والثاء) أو (الفاء والثاء) أو (الجيم والحاء) أو (الحاء والخاء) أو (الراء واللام) أو (السين والصاد) أو (الميم والنون) ... إلخ.

تجدها كثيرة ومنها ما هو كثير جدا بل منها ما جعل قياسيا في أحوال، لكن هل قال أحد بقياسية شيء من ذلك بإطلاق؟! الجواب لا.

وانظر مثلا لما ورد عن العرب (بالفتح والكسر) أو (بالفتح والضم) أو (بالضم والكسر) أو (بالكسر والتحريك) أو (بالضم والتحريك) أو (بالفتح والتحريك) أو (بالتثليث) أو بغير ذلك ومنها ما هو كثير جدا جدا، فالمثلث مئات الألفاظ وبعض ذلك جعله بعضهم قياسيا في مواطن لكن لم يقل أحد إن ذلك يقاس عليه بإطلاق! فعلم أن قياسيته ليست لوروده بكثرة.

وانظر مثلا لما ورد عن العرب في باب (فَعَلَ وأفعل) باتفاق المعنى تجده بالمئات، ومع ذلك أجمعوا على أنه غير قياسي بل أفردوه بالتصنيف وخطئوا العامة في كثير مما يدخل في بابه وآخرهم اليازجي وعباس أبو السعود.

وانظر مثلا لما ورد عن العرب في الأوزان المختلفة، هل يقاس على تلك الأوزان؟ الجواب أن جلها لا يقاس عليه، مثل (فَيْعَل) كفيصل و (فاعول) كناقوس و (فيعول) كقيصوم و (فُعالة) كثمالة و (فَعَالية) كرفاهية، إلى آخر لذلك، وقد أوصلها العلماء لفوق الألف من الأوزان.

وقد جمعتُ ما يفوق الثلاثين مثالا جُمِعَ فيها (فعيل) على (فعائل) وكل اللغويين والنحاة يعدون ذلك شاذا.

وقد جمعتُ ما يفوق العشرين مثالا من باب تعدي (فَعَل) ولزوم (أَفْعَل) وكل من ذكره عده من غرائب الشواذ.

وقد ذكروا أن جمع الاسم بالواو والنون مشروط بكونه من المذكر العاقل مع أن ما ورد يخالف ذلك فوق المائة، وقد ذكر ابن مالك - ولم يخالفه فيما أعلم أحد - أن ذلك شاذ لا يقاس عليه.

وقد قال عباس أبو السعود في الفيصل وعباس حسن في النحو الوافي: إن (فعيلة) إذا كانت بمعنى (مفعولة) لا تجمع على (فعائل)، مع أني جمعتُ من ذلك ما يناهز الثلاثين مثالا التي هي فوق الكثير المبالغ فيه لما يطلب للقياس عند الأستاذ عباس حسن!!

وباب (فاعل بمعنى مفعول) من اللغويين من نفاه مؤولا ما ورد منه، وأكثر اللغويين على إثباته شذوذا واستغرابا، وأبعدَ الدكتور (أحمد الحوفي) فجعل منه قياسيا وصوب على أساسه من شائع القول ما شاء ويكفيه ردا أن ذلك مما أجمع العلماء على بطلانه، مع أنني تتبعتُ وجمعتُ فوق الثلاثين مثالا منه.

وأما كلام العلماء في كتب النحو والصرف بأن باب كذا قياسه كذا وكذا فليس المراد منه أن أستعمل كلامهم في إبطال النقل والسماع من العرب، وإنما فعلوا ذلك لأمور:

أولا: تيسير المعرفة بجمع النظير إلى نظيره وضم كل مشاكل لأخيه.

ثانيا: معرفة حكمة العرب في كلامها؛ يعرف هذا من تأمل كلام سيبويه والخليل خصوصا، وتأمل كلام البصريين عموما.

ثالثا: معرفة الكلام إذا لم يرد بعضُه عن العرب، كأن يرد عن العرب واحد ولا يرد جمعه، أو جمعٌ ولا يرد واحده، أو نحو ذلك فحينئذ نحتاج لهذه القواعد التي أنتجها علماؤنا بالاستقراء لجمهور كلام العرب.

واعلم أن فيصل التفرقة في هذه المسألة أن تعلم أن العرب لم يضعوا لنا شيئا من هذه القواعد، وإنما استقرأ العلماء كلامهم وعرفوا مهيع كلامهم في كل باب، فنظموا ما انتظم منها في سلك واحد ليُعلم ما شذ عنه فيحفظ فيكون أَيْسَرَ على المتعلم، وأَحْكَمَ في علم العالم،

والله أعلم)).

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[17 - 09 - 06, 09:49 ص]ـ

خلاصة القول - والله تعالى أعلم - أن القياس على ما ورد عن العرب لا علاقة له بعدد الأمثلة الواردة، وإنما يتعلق باستقراء جميع الوارد ومعرفة الباب منه من غير الباب.

ولذلك قاس سيبويه - ووافقه جميع النحويين - على (شَنَئِي) في النسبة إلى (شَنُوءَة) وإن لم يرد إلا هذا المثال الواحد عن العرب؛ لأنه هو جميع ما ورد عن العرب في هذا الباب.

ـ[طالب شريف]ــــــــ[17 - 09 - 06, 10:50 ص]ـ

الإخوة الكرام، جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم، أردتُ فائدة، فانهالت الفوائد.

زادكم الله علماً.

ـ[عصام البشير]ــــــــ[17 - 09 - 06, 03:28 م]ـ

أحسنت يا أبا مالك.

أجدت وأفدت.

للفائدة، قال الطالب بن حمدون بن الحاج في حاشيته على بحرق على اللامية (ص 44) عند قول الشارح: (ويصاغ اسم الفاعل من فعُل المضموم المذكور في آخر البيت قبله على وزنين قياسيين .. ):

(صرح الموضح وتي وغيرهما بقياس فعيل دون فعْل وهو ظاهر كلام سيبويه، وفي شرح التسهيل للناظم: من قاس فيهما لعدم السماع فهو مصيب. وجعلهما ابنه كثيرين حتى كادا يطردان ولم يجعلهما مقيسين. وقال الشاطبي: إن الناظم إنما لم يصرح بالقياس لأنه لما يطرد فيهما السماع عنده اطرادا يقطع بالقياس فيه، وإنما جاءهم الكلام كثيرا خاصة، والكثرة على الجملة في هذه المعاني لا تقتضي القياس البتة، بل قد يكون وقد لا يكون. فكأنه تردد في إجراء القياس فأخبر بأن هذين البناءين أولى من غيرهما، وبقي النظر في القياس لاجتهاد المجتهد ... ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير