ويجوزُ أن تعربَه حالاً، وتُؤوِّله بمشتقٍّ نكرةً، كما أولتَه في قولِك: (مررتُ برجلٍ مثلِك)؛ أي: مماثلٍ لكَ.
أما إعرابُها مفعولاً بهِ لفعلٍ محذوفٍ تقديرُه (أعني)، فلا يصِحُّ، لأنَّه تقديرٌ غيرُ جارٍ على كلامِ العربِ، ولا موافقٍ أقيستَها. ولو أجزناه، لجاز أن يقال: (جاء رجلٌ محمدًا) على تقديرِ (أعني محمدًا).
= وأما الرفعُ، فعلى أن تعربَه خبرًا لمبتدأ محذوفٍ، تقديرُه (وذلكَ) أو (وهذا). وإنما جازَ حذفُ المبتدأ هنا للقرينةِ المقاليَّة، لأنَّ في ما تقدَّم من الكلامِ دَليلاً عليهِ. وقد قرئ: ((ذلك عيسى بن مريم قول الحقِّ)) برفعِ ((قول)) ونصبِهِ؛ فالرفع على أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف، والنصبُ على أن يكون مفعولاً مطلَقًا لفعلٍ محذوفٍ. وقرئ أيضًا: ((صبغة الله)) برفع ((صبغة)) ونصبها. وقرئ أيضًا: ((وابن السبيل فريضة من الله)) برفع ((فريضة)) ونصبها. كلُّها على التقدير المتقدِّمِ.
+ فإن جاءت قبلَ تمام الكلامِ، فإنك تعربُها بحَسَب موقِعِها؛ تقولُ: (الاسمُ مثلُ زيدٍ دالٌّ على ذاتٍ)؛ فتعربُ (مثل) نعتًا لـ (الاسم) وإن كانَ غيرَ موافقٍ له؛ إذ (مثل)، و (غير)، و (نحو) من الكلمات الموغلة في الإبهامِ؛ فلا يُشترَط فيها ذلكَ؛ ألا ترى أنك تقولُ: (مررت برجال مثلِك)، و (رجلين مثلِك) على تأويلِها بمشتقّ نكرةٍ موافقٍ. وحكى سيبويه من الصفةِ: (ما يحسن بالرجلِ مثلِك أن يفعلَ ذاك). وتؤوِّلُه بالمعرفةِ المشتقّة؛ أي: بالرجلِ المماثلِ لكَ. ومنه قوله تعالى: ((صراط الذين أنعمتَ عليهم * غيرِ المغضوبِ عليهم)). ويجوز أن تجعلَه بدلاً من (الاسم)، ويجوز أيضًا أن تجعلَه حالاً على تأويلِه بالنكرةِ.
وتقولُ أيضًا: (هذا الشيءُ مثلُ ذلك الشيء)؛ فتعربُ (مثل) خبرًا. وتقولُ: (سرتُ نحوَ البيت)؛ فتعربُ (نحو) ظرفَ مكانٍ. وعلى هذا القياسُ.
وشكر الله تعالى لك سابق فضلك ومعروفك.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[06 - 02 - 10, 10:48 ص]ـ
قال أبو جعفر اللبلي في تحفة المجد الصريح (ص 363):
((وقول ثعلب في آخر لفظة من هذا الباب [باب فُعِل]: (ونحوَِه) كان الأستاذ أبو علي [الشلوبين] شيخنا يقول: يجوز فيها النصب والجر، ولا يجوز فيها الرفع؛ أما النصب فبالعطف على الجملة التي هي في موضع نصب بالقول، وأما الجر فبالعطف على القول في قوله: (كقولك) أي كقولك كذا وكذا وكنحو هذا القول، والنصب أحسن)).
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[18 - 05 - 10, 04:04 م]ـ
للفائدة
قال أبو الفتح البعلي (المتوفى 709 هـ) في شرحه على الألفية:
(("نحو" يجوز رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هو نحو، ويجوز نصبه بإضمار فعل أي أعني نحو)).
ذكر هذا عند شرحه لقول ابن مالك:
وهو لفعل ماض احتوى على ............. أكثر من أربعة نحو انجلى
وأهمية هذا النقل عن البعلي ترجع لأمرين:
الأول: أنه تلميذ ابن مالك.
الثاني: أنه أقدم من أعرب الألفية من الشراح.
والله الموفق
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[18 - 05 - 10, 04:34 م]ـ
للفائدة
قال أبو الفتح البعلي (المتوفى 709 هـ) في شرحه على الألفية:
الصواب محمد بن أبي الفتح
ـ[إبراهيم عيشو]ــــــــ[18 - 05 - 10, 07:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأساتذة الأجلاء
هذه المداخلات تذكّرني بأحد علماء اللغة المغاربة، وقد كان رحمة الله عليه، مديراً لمكتب التعريب بالعاصمة الرباط، فقد كتب في السبعينات من القرن الماضي سلسلة مقالات في إحدى الجرائد الوطنية، يبحث فيها حول فتح وكسر راء لفظ (المشتركة) في عبارة (السوق الأروبية المشتركة)، وقد رد عليه أحد القراء، بعد انتهاء آخر حلقة في تلك السلسلة، بقولٍ له دلالات جد عميقة، وهو أن الدول الأعضاء في السوق الأروبية المشتركة يبحثون هذه الأيام في موضوع توحيد ثمن الكيلوجرام من البطاطس في جميع أسواقهم، ولا شأن لهم بأن تكون راء (المشتركة) مفتوحة أو مكسورة.
¥