تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نقد ابن الخشاب لمقامات الحريري الأدبية (الدكتور خالد كبير علال)]

ـ[فريد المرادي]ــــــــ[12 - 12 - 08, 10:38 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

" نقد ابن الخشاب لمقامات الحريري الأدبية "

بقلم: الأستاذ الدكتور خالد كبير علال - وفقه الله -

(صححها ونسقها ونقلها لكم / فريد المرادي - كان الله له -)

صنف الأديب أبو محمد القاسم بن علي الحريري البصري (ت 516ه/ 1222م) خمسين مقامة [1]، أولها المقامة الصنعانية، وآخرها البصرة [2]. سار فيها على طريقة منشئ المقامات بديع الزمن الهمذاني (ت 398 ه/ 1007م)، فنالت إعجاب أدباء عصره، وشهدوا لمصنفها بالبراعة الفائقة في الصياغة اللفظية؛ لكن الأديب أبا محمد ابن الخشاب البغدادي الحنبلي (ت 567 ه/ 1171م) كان في مقدمة الناقدين له، وردّ عليه في كتابه: الاعتراض على الحريري، فجاء النحوي عبد الله بن بري المصري (ت 582 ه/1186م)، وانتصر للحريري، من ابن الخشاب، في مصنفه: الانتصار للحريري. فما هي انتقادات ابن الخشاب؟ وما هي ردود ابن بري عليها؟.

أولا: انتقادات ابن الخشاب لمقامات الحريري ورد ابن بري عليها:

انتقد أبو محمد بن الخشاب (ت 567 ه/ 1171م)، أبا محمد بن الحريري في أكثر من تسعة وخمسين موضعا من مقاماته، وعدّ ذلك قليلا مقابل كثرة صوابه، والكامل من عدت سقطاته، والفاضل من أحصيت هفواته [3]. وتعجب من أهل اللغة والأدب في بغداد، من أنهم عندما قرأ عليهم ابن الحريري مقاماته في سنة 504 ه/ 1110 م، لم يبتعلقوا عليه فيها إلا بلفظة واحدة نازعوه فيها، وخرجوا معه على السواء، لأنها وقعت في كتب الأدب على خلاف فيها، هي: ((النهار فرخ الحبارى)) [4] و ((الليل فرخ الكروان)) [5]، وهذا هو المشهور وفي بعض مصنفات اللغة أن الليل هو كذلك: فرخ الحبارى [6]. ثم أشار ابن الخشاب إلى أن الحريري أمضى وقتا طويلا من عمره في اختيار ألفاظه، خطف أكثرها من جوامع يدل وصوله إليها على براعته، لكنه لم يكن مدفوعا عن فطنة ثاقبة، وغريزة في التلفيق مطاوعة مجاوبة، كما أنه أخذ مواضع من غيره واستعان بها، و *أنحى عليها وغصبها [7].

وفي مقامات الحريري مواضع ظاهرة الضعف، انتقدها ابن الخشاب زادت عن ثلاث عشر موضعا [8]، سكت عنها ابن بري ولم يعلق عليها بشيء، وهو المتحمس للرد على ابن الخشاب، والانتصار للحريري. وكان عليه أن يبدي فيها رأيه ولا يسكت عنها، لأنه في صدد الرد عليها، أذكر منها سبعة كأمثلة؛ أولها أن ابن الخشاب أشار إلى أن الحريري قال في مقدمة مقاماته: ((و نعوذ بك من شره اللّسن [9]، وفضول الهذر، كما نعوذ بك من معرة اللّكن وفضوح الحصر [10]))، و هذا الكلام هو ((بعينه في كتاب البيان والتبيين لأبي عثمان عمرو بن يحي المعروف بالجاحظ)) [11]. وقد رجعت إلى البيان والتبيين فوجدت المعنى متقاربا، لكنه ليس نقلا حرفيا، يقول فيه الجاحظ (ت250 ه/ 864م): ((ونعوذ بك من السلاطة والهذر، كما نعوذ بك من العي والحصر)) [12].

والثاني هو قول الحريري في المقامة الخامسة: ((قبيل انتيابكم ومصيري إلى بابكم))، يرى فيه ابن الخشاب أنه ((ليس هذا موضع استعمال الانتياب، لأن الانتياب معاودة الشيء مرة بعد مرة، ومنه سميت النحل نوبا، لانتيابها مواضع تعسّلها، وهو مباتها. والانتياب افتعال من النوبة، وهو لم يأتهم في هذا الموضع مرة أخرى، ولا كثر انتيابه، فلا معنى له في استعمال الانتياب، إلا أنه ساقه إلى استعماله السجعة [13]، فلا عذر له في ذلك)) ولا معنى لاستعمال الانتياب، لأنه ظاهر الفساد لمباعدته الصواب [14]. وقول الحريري لا يصح، لأن الانتياب هو القيام بالفعل مرة بعد مرة، وهو قد استخدمه للتعبير عنه مرة واحدة، لذا فإن ابن الخشاب مصيب عندما خطأه في هذه المسألة [15].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير