[التجديد اللغوي الشامل]
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[10 - 01 - 09, 03:05 ص]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
[التجديد اللغوي الشامل]
أ. د. عبدالرحمن الحاج صالح
[التجديد اللغوي الشامل]
(من بحوث المؤتمر السابع لمجمع اللغة العربية بدمشق)
إن التجديد اللغوي المفيد -كأي تجديد يتكيف به الإنسان بحسب ما يطرأ عليه من النوازل- ليس هو مجرّد استجابة لما يقتضيه الزمان وتغيراته، بل هو أيضًا وسيلة للدفاع عن النفس والنفيس، بل ودفاع عن الوطن والكيان العربي الإسلامي؛ فقد بيَّن التاريخُ أن الأممَ القوية هي التي تستطيع أن تتجاوز يوميًّا مستواها من الرقي العلمي والثقافي، وتحاول أن تحقق ذلك على الدوام حتى لا تلحق بها أمة أخرى. وبذلك تجسر على غيرها فتتسلط عليها أو تجعلها تندمج فيها. والتجديد الذي يخص اللغة هو -في الحقيقة- تجديدٌ لأسلوب التفكير، وتجديد في الرؤية إلى العالم، وتجديد في الاتصال، ومن ثم في التوسيع للمكتسبات العلمية والتقنية والحضارية عامة، ويقتضي التجديد في الاتصال التجديد في استعمال اللغة.
الملخص:
إن التجديد الخاص باللغة والمفيد منه هو الذي يستطيع أن يمكّن اللغة العربية:
1 - في ميدان المفردات:
- من الاستجابة الناجعة لما يتطلبه العصر من جديد المصطلحات بما يطرأ من المفاهيم. ولم يكن الوضع للمصطلحات ناجعًا أبدًا إلى أيامنا هذه كما سنراه.
- ويمكّن واضعي المعاجم من الاستجابة لما يُحتاج إليه من أنواع المعاجم: لعامة الناس مثل (لاروس) الصغير وطالب الجامعة والاختصاصي وغيرهم. وليس ما يوضع من هذه المعاجم اليوم شيئًا ذا قيمة علمية؛ لأنه لا يخضع لمقاييس وضع المعاجم الحديثة أبدًا.
ويمكِّن العلماء والباحثين في هذين الميدانين:
- من القيام ببحوث علمية واسعة وعميقة للوصول إلى تحرير المعجم الجامع (والتاريخي) للغة العربية.
2 - في ميدان تعليم اللغة العربية: أن يمكِّن:
- كل المعلمين والأساتذة من الاطلاع بكيفية دورية (لا مرة واحدة في العمر) على الطرائق الجديدة في تعليم اللغات.
- وذلك بالاستفادة من حلقات تدريبية مخصصة لهذا الغرض، والتعاون مع المؤسسات العلمية العربية والأجنبية المتخصصة.
- وأن يمكّن الباحثين في علم تعليم العربية واللغات عامة، في جميع الجامعات، من إنجاز برامج من البحوث بغرض التجديد لطرائق التعليم ومضاعفة مردودها واللجوء إلى جميع الوسائل الثقافية المناسبة (ومنها تكوين تقنيين في "السمعي البصري" لتعليم العربية في كل مستويات التعليم) وأهم شيء في ذلك هو أن يعمم هذا التجديد بتعميم هذه التدابير على كل الجامعات والمدارس العليا.
- إعادة النظر في تعليم النحو: لا بد من الاعتداد بما اكتشفته البحوث العلمية في هذا الميدان (في تعليم اللغات عامة). والاعتداد أيضًا بما أثبتته النظرية الخليلية الحديثة. ويجب أن لا ينسى أيضًا أن للغةِ مستويين: الخطاب المحرّر، والخطاب العفوي الفصيح، فلا بد من إعداد العدة لإتاحة الفرصة لهذا الأخير للظهور والنمو حتى يتمكن من منافسة العامية في عدة مناسبات.
- التأثير العميق في رفع المستوى الثقافي واللغوي بانتشار الاستغلال للذخيرة العربية، فلا بد من إسهام كل مؤسسة علمية في كل بلد في إثرائها وضبطها بكيفية دائمة لتجدد المعارف والمعلومات العلمية بدون انقطاع وتصل إلى المواطن بعد وقت وجيز.
3 - ميدان البحث اللساني الحاسوبي العربي:
تدعم البحوث العلمية الثقافية في اللسانيات الحاسوبية الجارية الآن في البلدان العربية دعمًا قويا وعلى نطاق واسع ويُعمَّم اللجوء فيها، بصفة خاصة، إلى النظرية الخليلية الحديثة.
I- الأهمية القصوى للمجامع اللغوية في التجديد اللغوي (إن أحسّ المجمعيون بضرورة التجديد!):
لقد اتفقت كل المجامع للغة العربية على تحقيق هذه الأهداف: المحافظة على سلامة اللغة العربية، وجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون الحديثة وحاجات الحياة في هذا العصر، وإحياء التراث العربي والقيام بكل ما من شأنه أن يساعد على ترقية اللغة العربية.
¥