مِنْ نَوادِرِ الأَعْرابِ
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[05 - 01 - 09, 12:44 م]ـ
.................................................. ................. بسم الله الرحمن الرحيم
من هم الأَعْرابِ؟:
الأعراب هم سكان البادية والنسبة إليهم أعرابي؛ وهو البدوي؛ ويجمع على أعاريب؛ وقيل ليس الأعراب جمعاً لعرب؛ كقولك ليل لائل؛ تقول عربٌ عاربة؛ وعرباء وعربة.
وحكى الأزهري: رجل عربي إذا كان نسبة في العرب ثابتا وإن لم يكن فصيحا؛ وجمعه العرب؛ ورجل معرب إذا كان فصيحا؛ ورجل أعرابي بالألف إذا كان بدويا صاحب نُجْعة وانتواء وارتياد للكلأ؛ وتتبع مساقط الغيث.
وقد أثنى الله سبحانة وتعالى على الأعراب فقال:
(ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول؛ ألا إنها لقربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم)
قال عمر بن عبد العزيز: ماقوم أشبه بالسلف من الأعراب لولا جفاء فيهم.
وقال غَيْلان: إذا أردت أن تسمع الدعاء؛ فاسمع دعاء الأعراب.
وقال الجاحظ: ليس في الأرض كلام هو أََمتع ولا أَنفع ولا آنق ولا ألذَ في الأسماع؛ ولا أشد اتصالاً بالعقول السليمة؛ ولا أفتق للسان؛ ولا أجود تقويماً للبيان؛ من طول استماع حديث الأعرب العقلاء الفصحاء.
وقال ابن المقفع: أي حكمة تكون أبلغ أو أحسن؛ أو أغرب أو أعجب من غلام بدوي لم يَر رِيفاً؛ ولم يشبع من طعام؛ يستوحش من الكلام؛ ويفزع من البشر؛ ويأوي إلى القَفر واليرابيع والظباء؛ وقد خالط الغيلان؛ وأنس بالجان!
ـ[الكهلاني]ــــــــ[05 - 01 - 09, 01:05 م]ـ
ألا إنها لقربة لهم
چ ? ? ? ? چ
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[05 - 01 - 09, 01:59 م]ـ
أعرابياً من جهينة مع وزير الرشيد الفضل بن يحيى (ت:193هـ):
خرج الفضل بن يحيى يوماً للصيد والقنص، وبينما هو في موكبه إذ رأى أعرابياً على ناقةٍ قد أقبل من صدر البرية يركض في سيره، فقال: هذا يقصدني فلا يكلمه أحدٌ غيري.
فلما دنا الأعرابي ورأى المضارِبَ تُضرَب والخيام تُنصب والعسكر الكثير، والجمَّ الغفير، وسمع الغوغاء والضجة، ظن أنه أمير المؤمنين، فنزل وعقل راحلته وتقدم إليه وقال: السلام عليكم يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته؛ فقال: الآن قاربت، اجلس؛ فجلس الأعرابيّ
فقال له الفضل: من أين أقبلت يا أخا العرب؟ قال: من قضاعة؛ قال: من أدناها أم من أقصاها؟ قال: من أقصاها.
قال فالتفت الفضل وقال: كم من العراق إلى أرض قضاعة؟؛ قالوا: ثمانمائة فرسخ!
فقال: يا أخا العرب، مثلك لم يَقصِدُ من ثمانمائة فرسخ إلى العراق إلا لشيء؛ قال: قصدتُ هؤلاء الأماجد الأنجاد الذين قد اشتهر معروفهم في البلاد؛ قال: من هم؟؛ قال: البرامكة.
قال الفضل: يا أخا العرب إن البرامكة خلق كثير؛ وفيهم جليلٌ وخطيرٌ؛ ولكن منهم خاصة وعامة؛ فهل أفردت لنفسك منهم من اخترت لنفسك وأتيته لحاجتك؟؛ قال: أجل؛ أطولهم باعاً؛ وأسمحهم كفاً؛
قال: من هو؟؛ قال: الفضل بن يحيى بن خالد.
فقال له الفضل: يا أخا العرب؛ إن الفضل جليل القدر؛ عظيم الخطر؛ إذا جلس للناس مجلساً عاماً لم يحضُر مَجِلسَه إلا العلماء؛ والفقهاء؛ والأدباء؛ والشعراء؛ والكتاب؛ والمناظرون للعلم؛ أعالم أنت؟؛ قال: لا؛ قال: أفأديب أنت؟؛ قال: لا؛ قال: أفعارفٌ أنت بأيام العرب وأشعارها؟؛ قال: لا؛ قال: هل وردت على الفضل بكتاب وسيلة؟؛ قال: لا!.
فقال: يا أخا العرب غرَّتك نفسك؛ مثلك يقصد الفضل بن يحيى؛ وهو كما عرفتك عنه من الجلالة؛ بأي ذريعة أو وسيلة تقدم عليه؟؛ قال: والله يا أمير المؤمنين ما قصدته إلا لإحسانه المعروف وكرمه الموصوف وبيتين من الشعر قلتهما فيه.
فقال الفضل: يا أخا العرب أنشدني البيتين؛ فإن كانا يصلحان أن تلقاه بهما أشرت عليك بلقائه؛ وإن كانا لا يصلحان أن تلقاه بهما بَررْتُكَ بشيء من مالي؛ ورجعت إلى بَادِيتك؛ وإن كنت لم تستحق بشعرك شيئاً؛ قال: أفتفعل أيها الأمير؟؛ قال: نعم
قال: فإني أقول:
ألم تر أن الجود من عهد آدم .... تحدر حتى صار يملكه الفضل
ولو أن أماً قضها جوع طفلها ... ونادت على الفضل بن يحيى اغتذى الطفل
قال: أحسنت يا أخا العرب؛ فإن قال لك: هذان البيتان قد مدحنا بهما شاعر؛ وأخذ الجائزة عليهما!؛ فأنشدني غيرهما فما تقول؟؛ قال: أقول:
¥