فَلَيُقَالَنَّ لِي: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ))، فهذه ذكرى لكلّ مدّكر، ولا داعي لأن يصطاد الرّافضة في الماء العكِر. ولئلاّ تغصب علينا الأمّهات، ويحرمننا من بعض الدّعوات، فإليهنّ:
- أُمَّ: فيستعلمون لنداء الأمّ أو الإخبار عنها كلمة (أُمَّ) أو (أُمّا)، وهي لغة في نداء كلّ اسم صحيح مضاف إلى ياء المتكلّم، قال ابن مالك رحمه الله في " الخلاصة ":
(وَاجْعَلْ مُنَادًى صَحَّ إِنْ يُضَفْ لِيَا كَعَبْدِ عَبْدِي عَبْدَ عَبْدَا عَبْدِيَا)
فقولهم " أمَّ " من الثّالث كـ (عبدَ) و" أُمَّا " من الرّابع كـ (عَبْدَا)، قال الإمام ابن عقيل رحمه الله عن المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم:
إن كان صحيحا جاز فيه خمسة أوجه:
أحدها: حذف الياء، والاستغناء بالكسرة، نحو " يَا عَبْدِ "، وهذا هو الأكثر.
الثّاني: إثبات الياء ساكنة، نحو " يَا عَبْدِي " وهو دون الأوّل في الكثرة.
الثّالث: قلب الياء ألفا، وحذفها، والاستغناء عنها بالفتحة، نحو " يَا عَبْدَ ".
الرّابع: قلبها ألفا وإبقاؤها، وقلب الكسرة فتحة، نحو " يَا عَبْدَا ".
الخامس: إثبات الياء محركة بالفتح، نحو " يا عبدي ".
وفاته رحمه الله وجه سادس لم يذكره، وهي " يا عَبْدُ "، استدركه عليه ابن هشام رحمه الله في " أوضح المسالك ".
وليت شعري لماذا يلاحقنا شبح التّفخيم هنا أيضا، فإنّهم يفخّمون ميم (أمَّ) ولا أعلم علّة لذلك، وليس لها مسلك من المسالك. إلاّ أن يكونوا قد أصيبوا بعقدة المساواة بين الرّجل والمرأة، فكما فخّموا باء (أبّي) رأوا أنّه يجب تفخيم ميم (أمَّ)!
فنقول: رويدكم يا إخوة العرب مهلا، إنّنا نرى الأمّ لأكثر من ذلك أهلا، فتوقيرها عبادة، وبرّها مثل برّ الوالد أو زيادة، ولكن حسبكم أن توسّعتم فخرجتم عن الفصيح، والكلام السّديد الصّحيح، أم أنّكم غفلتم أنّه لا تستعمل كلمة " أمَّ " في الإخبار عنها ألبتّة، وإنّما جازت الأوجه الخمسة بل الستّة، في النّداء خاصّة لا غير ذلك؟
والله أعلم وأعزّ وأكرم