تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما فيما يخص تعليم البلاغة فينبغي في نظري أن نميّز بين البلاغة الفنية التي تخص الكُتَّاب والشعراء، وبين بلاغة الخطاب التي تخضع لمقتضى الحال والمقام عامة. فهذه البلاغة تكاد تنحصر في علم المعاني وهي من قواعد التخاطب (وما البلاغة في الحقيقة إلا صفة التبليغ الفعّال). فكما أن النحو هو قواعد الكلام السليم لفظا ومعنى، فإن البلاغة هي قواعد الخطاب الناجع النافذ. ولا ينبغي أن تعلم هذه البلاغة على حدة، بل تخطط مفاهيمها وأساليبها وتدمج في حصّة التمرس اللغوي كمكون له. وهذا لأن المهارة اللغوية هي أيضا مهارة في التصرف في البنى ومهارة في مراعاة مبدأ "لكل مقام مقال".

أما ميدان الترجمة فهو من أخطر الميادين الثقافية، ومن المؤسف أن نقول إنه الآن ميدان مهمل تماما في الدول العربية على الرغم من وجود بعض المؤسسات المخصصة للترجمة. فإن أصغر البلدان –مثل اليونان وغيرها- تترجم في كل سنة أضعاف ما يترجم في البلدان العربية جمعاء. والجديد الذي نقترحه هو أن تنشأ في كل جامعة عربية وفي كل دولة عربية مؤسسة أو خلية على الأقل تكلف بترجمة عدد من الكتب العلمية بالاعتماد على فريق من 4 إلى 6 أساتذة لكل كتاب. وتنشأ لجنة من العلماء تتفرع إلى لجان فرعية تخصص كل واحدة منها لمادة علمية، وتكلف أيضا هذه اللجنة العليا بتخطيط أعمال الترجمة في الجامعات وما يقتضي ذلك من اختيار في كل سنة للكتب العلمية القيمة وفي كل شهر للبحوث المنشورة في المجلات العالمية المتخصصة. ويمكن أن يشرف على هذه اللجنة ثلاث مؤسسات: اتحاد الجامعات، والمعهد العالي للترجمة ومركز التعريب والترجمة التابع للألسكو.

ولكي لا تبقى هذه الأعمال في رفوف المكتبات فلا بد من حوسبتها في الذخيرة العربية.

هذا ولا بد أن لا ننسى أن التجديد ليس هو التغيير من أجل التغيير ولا التغيير الذي يخضع للموضة - وكم من مفكر وباحث ينخدع بكل ما هو جديد من النظريات فلا يريد بها بديلاً - فالتجديد لا ينبغي أن يمس كل ما يشهد عليه العلماء وأهل الاختصاص بالإجماع بأنه نظرية صحيحة ناجعة أو طريقة تحليل جدّ مفيدة وغير ذلك مما هو صحيح ومفيد.

ونمثل لهذا التجديد الخاطئ بالترتيب لمداخل المعجم العربي: اقترح بعضهم أن يرتب المعجم ترتيبًا ألفبائيًا. وقد وضعت بعض المعاجم بهذا الترتيب. وهذا غير جيد إذ كان ينتج منه تخليط المواد الأصلية، بل اختفاؤها، والعربية لغة سامية ذات مواد أصلية شفّافة. فلا بد من الترتيب الذي يراعي هذه البنية الأساسية. وهذا لا يمنع أن يعتمد على الترتيب الألفبائي بالنسبة لكل كلمة يصعب على من لا يتقن العربية معرفة مادتها الأصلية.

وفيما يخص قواعد الإملاء، فإن الإملاء العربي هو أسهل نظام إملائي بالنسبة إلى سائر اللغات.

VI- البحوث العلمية في اللسانيات الحاسوبية العربية:

تجرى الآن بحوث في مختلف البلدان العربية وغيرها في ميدان اللسانيات الحاسوبية بالتطبيق على اللغة العربية وخاصة الصياغة لنظامها النحوي الصرفي. وقد وُفّق بعض الباحثين في هذا العمل بلجوئهم إلى النظرية الخليلية الحديثة. ومن المعروف أن مثل هذه البحوث تحتاج إلى التعاون الوثيق (في الفريق الواحد) بين المهندسين الذين لهم علم بالنظريات اللسانية، وبين اللسانيين الذين لهم خبرة بكل ما يرجع إلى الحاسوبيات (ما لا بد منه). ولا يمكن أن يتم التعاون بينهم إلا بهذا الشرط.

وتحتاج هذه البحوث أيضا إلى نظرية لسانية عامة، وأخرى تخص العربية، فالنظرية هي التي تكون موضوع الصياغة المنطقية الرياضية وليست اللغة في ذاتها. وقد حصل هذا بالفعل عند بعض الباحثين، وعند أكثر الباحثين العرب؛ فإنهم يكتفون الآن -مع الأسف- بتطبيق الأنحاء المسماة بالتوحيدية التي يلجأ إليها بعض الباحثين الغربيين في علاجهم للغاتهم. ويبدو لنا أن هذا الميدان هو من أخطر ميادين التجديد اللغوي العلمي؛ لأنه يعالج اللغة باللجوء إلى أحدث الوسائل العلمية والتقانية، ويضطر فيه أصحابه –وهو المفروض- إلى الاختبار المتواصل لكل النظريات اللسانية.

دراسات لصاحب المقال تحتوي على أهم ما جاء فيه بالتفصيل:

- المصطلحات والمعاجم:

. مساهمة المجامع اللغوية العربية في ترقية اللغة العربية وتجديد محتواها وتوسيع آفاقها. بحث ألقي في مؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في 2006.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير