وذكر الهمداني سائر بطون حرب بالحجاز, ونقل عن شيخه المحابي عن محمود بن علي الحربي: أن بني حرب لما صارت إلى قدس من الحجاز وبها عنزة! , ومزينة, فأجلاهم الحربيون وهم يومئذ ست مئة رجل إلى الأعراض من خيبر, وناصبتهم مزينة الحرب وهم زهاء خمسة آلاف فأجلاهم الحربيون إلى الساحل من الجار والصفراء, وأرض جشم, فهم بها إلى اليوم, لا يدخلون الفرع إلا بجوار وذمام من بني حرب وبقية سليم.
وناصبهم بنو الحارث وبنو مالك من سليم وهم زهاء أربعة آلاف فأجلاهم الحربيون عن الحرتين والبقيع, وذكر أنهم غلبوا على طريق المدينة إلى مكة, فلا يسير أحد إلا بخفارتهم, وأن المقتدر بالله كان يبعث إليهم طوال حياته بالمال في خفارة الطريق.
ونقل عن المحابي؟ وقائع لهم في عصره هي: يوم الحرة, ويوم الرغامة, ويوم الأثاية, وأنهم أسروا سلطان مكة ابن ملاحظ! , ونقل الهمداني عن علماء صعدة أن بني حرب أجلوا عن صعدة سنة 131هـ وأورد أشعاراً وأعلاماً لا توجد عند غيره. وذكر تفريعات أن بني زياد بن سلمان بن الفاحش بن حرب بن سعد بن سعد بن خولان وقال: وهم أهل العرج.
وأكاذيب الهمداني ها هنا تمجيد لخولان, ولما كان هو وحده مصدر التلفيق فيما لفقه, والاختلاق فيم اختلقه, قدم لذلك بمقدمة يوجو بها أن يصدقه قارئ كتابه فذكر أن قبيلة خولان مغمورة, فأشاع القول فيها وزعم أن ما سيذكره يعرفه أهل نجد والحجاز واليمن ونجران, ثم احتاط من قول أحد أهل هذه الآفاق لا نعلم ذلك, فزعم أن العلم عن خولان علم مخزون بصعدة!! , ولم تكن صعدة دار رواية, وقال: ولو كانت صعدة في القديم من البلدان التي رحل إليها أصحاب الحديث لا نتشرت أخبارها كما انتشرت أخبار صنعاء!.
ثم أحال إلى أسطورة ابن أبان وكتابه فقال: وقد مكثت بها عشرين سنة فأطللت على أخبار خولان وأنسابها ورجالها كما أطللت على بطن راحتي, وقرأت بها سجل محمد بن أبان الخنفري المتوارث من الجاهلية!!.
قال مصعب الجهني: الهمداني في هذه النصوص التي ينسجها كذباً يعزوها إلى كتاب ابن أبان وهو كتاب لا وجود له وحتى لو ثبت وجوده فإن الهمداني يقول أن متوارث في الجاهلية أي أنه بعيد المدى عن زمن الهمداني وأنه نادر الوجود في ذلك الوقت فزعم الهمداني أنه وقع عليه وأطلع على ما فيه ونقل منه, والحقيقة انه لم يطلع عليه ولم ينقل منه, وإلا لما نشر تلك الأكاذيب في كتابه الإكليل وإنما زعم أن حصل على ذلك الكتاب واطلع عليه ونقل ما فيه, حتى إذا قيل له من أين أتيت بهذه القصص والأخبار والأشعار قال من كتاب ابن أبان أي أنه جعله منفذاً يدخل من خلالها ويكتب ما يشاء من أكاذيب وتبين فيما بعد تناقضه مع نفسه في كتابيه الإكليل وصفة جزيرة العرب!! انتهى.
وذكر أن أبان هذا هو الذي أخرج بني حرب بن سعد إلى العرج, ويقصد بابن أبان محمد بن أبان الخنفري وهو شخصية تاريخيه خصبة ذات كتاب, وقائد أحداث وحروب وصاحب شعر, وله ذكر كثير في الجزء الأول والثاني من كتاب الإكليل, ولا ذكر له ولا لكتابه ولا لأحداثه الجسيمة ولا لشعره الكثير إلا عند الهمداني فلم يذكره المؤرخون ولا كتاب التراجم ولا جماع الشعر ولا مدونو الأيام والوقائع, ولا أصحاب المعاجم والفهارس والأثبات, وإنما ترجم له الهمداني وذكر أن عمره مئة وخمسة وعشرون عاماً ..
وفي كلام الهمداني معالم يلزم التعريف بها فمن ذلك جبلا قدس, فقد ذكر عرام بن الأصبغ السلمي وهو من رجال القرن الثالث فبين أنهما جبلان لمزينة, وهكذا ذكرهما الهجري لمزينة, وهو من أعيان القرن الثالث.
وها هنا عدة أمور الأول:
لاشك في وجود قبيلة حرب الحجازية في عهد الهمداني آخر القرن الثالث الهجري وأول الرابع, ويؤيد ذلك أن ابن حزم ذكرها حجازية, وقد ألف كتابه قبيل منتصف القرن الخامس, وإذا كان ابن الكلبي لم يذكرها فلأنها لم تنشأ قبيلة إلا بعده,
الأمر الثاني: وجود قبائل حربية من قبائل اليمن وغيرها من خولان ليس محل هذا البحث, وصديقنا العلامة عبد العزيز بن علي الحربي من قبيلة حربية شمال اليمن.
الأمر الثالث: دعوى أن حرب الحجاز هي حرب خولان هي دعوى الهمداني, وهي محل الرفض والإباء, لأن العلاقة بين القبيلتين في دعوى الهمداني ذات تلفيق وتزوير وانتحال,
الأمر الرابع: شيخ الهمداني المحابي لا أحد يعرفه غير الهمداني.
¥