أنهم يريدون التوطن في البلاد ويدخلون في الصوالحة بتحالف ويأخذون نصيباً في منافع البلاد. وسألهم حميد ابن حسان كبير الرضاونة من الصوالحة من أين أصلكم؟ فقالوا له: نحن مزينة حرب فقال لهم الشيخ حميد: لا توجد في قبائل حرب مزينة وأما مزينة هي قبيلة كبيرة ومعروفة في بر الحجاز قبل قبائلنا حرب ما ينحدرون من اليمن وإن كنتم تريدون التوطن معنا ونعطيكم قسمة عليكم تدفعوا نصفين من الدراهم على كل بنت تزوجونها من بناتكم!! وقال العايدي في روايته: أما أنا الشيخ يوسف العايدي اتفق مع الشيخ حميد بن حسان أي نعم لا توجد في قبائل حرب مزينة ومزينة عشيرة كبيرة ومعروفة في بر الحجاز من قبل ما تنحدر قبائل حرب من اليمن.
وقد علق محمد الطيب على ذلك بقوله: وقول الشيخ حميد لرجال مزينة إن حرب من بلاد اليمن يؤكد أن أجداد الصوالحة حتى عام 949هـ يحفظون أنسابهم ليس إلى حرب فقط ولكن يحفظون نسب حرب إلى بلاد اليمن أي للقحطانية وهذا يؤكد لنا صحة قول الهمداني في «الأكليل» إن حرب من خولان القحطانية قدمت للحجاز بعد عام 131هـ وقارعت القبائل العدنانية على كثير من المواضع وأجلتها عنها من بينها عنزة وسليم ومزينة.
قلت: قبيلة الصوالحة إحدى قبائل الطور في سيناء، وهي ترجع في أصولها إلى قبيلة حرب الخولانية وبالتحديد فإن الصوالحة من فروع ميمون من بني سالم من حرب.
وقد أكد ذلك نعوم شقير في كتابه الشهير «تاريخ سيناء» كما ذكر الأستاذ محمد الطيب أنه جاء في إحدى وثائق كتاب «الأم» مؤرخة بتاريخ 18 جمادى الآخرة عام 800هـ أن جد الصوالحة هو صالح بن حميد بن سليم من حرب الحجاز وكان له أربعة أولاد هم عارم ومنه العوارمة وحميد ومنه الحميدات ورضوان ومنه الرضاونة وناصر ومنه النواصرة. ثم قال الطيب: وأضاف الرواة من كبار الصوالحة أنهم من فروع ميمون من بني سالم من حرب.
قال محمد الحربي: للمزيد من التفاصيل انظر كتاب «موسوعة القبائل العربية» لمحمد الطيب من ص623 إلى ص633.
سابعاً: العلامة النسابة الفقيه محمد بن الحسن الكلاعي الحميري المتوفى سنة 404هـ والذي كان حياً يافعاً سنة 320هـ. ذكر في بعض كتبه المفقودة قبيلة حرب وأكد انتسابها إلى خولان من قضاعة من حمير من قحطان كما ذكر بعض أخبارها يدل على ذلك أن الإمام أحمد بن محمد الأشعري المتوفى سنة 550هـ وقيل 600هـ حين ذكر انتساب حرب إلى خولان وبعض أخبارها وأشعارها أورد ما يفيد أنه إنما نقل ذلك عن الكلاعي (3) والكلاعي قد عاش فترة من الزمن في صعدة كما ذكر أحمد بن أبي الرجال المتوفى سنة 1092هـ في الجزء الرابع من كتابه «مطلع البدور».
وصعدة من بلاد خولان فلا شك أن علماء صعده وخولان قد أكدوا له انتساب حرب إلى خولان كما أكدوا للهمداني من قبله بزمن قريب.
كما أن الكلاعي من حمير وكذلك قبيلة حرب من خولان من قضاعة من حمير وقد عرف عن الكلاعي شدة اعتناءه بأنساب قبائل حمير وبطونها وذكر مفاخرها وأيامها ومآثرها وملوكها وفرسانها وله في ذلك قصيدة سماها ذات الفنون تزيد على ثلاث مئة بيت يقول في أولها:
خليلي هل ربع بخيوان مقفريرق لشكوى ذي الجوى ويخبر
ثامناً: الإمام محمد بن نشوان بن سعيد الحميري المتوفي (في الربع الأول من القرن السابع) العالم الأديب النسابة والي مخلاف خولان صعدة والمطلع على أنسابها عن قرب ووالده العلامة اللغوي النساب نشوان بن سعيد الحميري صاحب القصيدة المشهورة في ذكر نسب خولان وفخوذها والتي مطلعها (4).
بصعدة من أولاد خولان سبعة
أحلهم فيها القنا والصفائح
صحار ورشوان وحي هانئ
وأزمع أيضاً ثم سعد ورازح
قلت: ومحمد بن نشوان هو صاحب «مختصر الأكليل» الذي وصل إلينا وفيه تأكيد انتساب حرب إلى خولان.
تاسعاً: إن ابن حزم صاحب الخطأ الأول في نسب حرب أبعد من حيث الزمان والمكان والنسب من الهمداني والكلاعي.
كما أن ابن حزم أيضاً أبعد من حيث المكان والنسب من الأشعري ومحمد بن نشوان الحميري.
¥