تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الرابع عشر: ذكر الهمداني في «الإكليل» الجزء الأول أن محمود بن علي بن عمرو الحربي أمير بني حرب كافة كان يرق لبني سليم ويبقي عليهم لأن أمه من جشم من هوزن غير أنه في وقعة الحرة استنجد ببعض جهينة وقتلهم قتلاً ذريعاً ثم جمع لهم فصحبهم يوم الرغامة وكانت عليهم يومئذٍ عمائم خز زرق فلم يلبس سلمي بعدها عمامة زرقاء. وقد عقب على ذلك الأستاذ عاتق بن غيث البلادي في كتابه «نسب حرب» ص173 بقوله: (وهنا تحضرني قصة لطيفة فإن بني سليم الجهلة منهم طبعاً لا يطيقون ذكر محمود ولا أعلم سبب ذلك غير أن هذه القصة التي ساقها الهمداني قد تكون هي السبب فترسبت في أذهان المتأخرين دون أن يعلموا هم سببها).

وعندما كنا صغاراً كانت تمر بنا قوافل جيراننا بني سليم فنسارع نحن الصغار نقول لهم: محمود! محمود! وكان ردهم محمود عند أمك!

وحدث صاحب دكان في عسفان من أهل التقوى والصلاح فقال جاءني نفر من سليم فأخذوا يكتالون من عندي وأعجبتهم سماحتي ولما انتهيت من الكيل سألوني عن اسمي وهم يكثرون من الثناء علي وكان اسم الرجل محموداً قال فقلت لهم: اسمي محمود. ولم يعلم الرجل إنهم يكرهون هذه الكلمة.

قال: فأخذوا ينسلون واحداً بعد الآخر ولم يعودوا لأغراضهم.

قلت: وهذا من الشواهد على صدق رواية الهمداني عن نسب حرب وأخبارها.

الخامس عشر: احتج بعض من شكك في رواية الهمداني عن نسب حرب بأنه كيف يمكن لقبيلة قحطانية جالية من اليمن أن تنزل وسط قبائل عدنانية ثم تنتصر عليها وتجليها عن ديارها (7).

قلت: هذه حجة واهية بشهادة التاريخ المدون وساورد مثالين على سبيل الاستشهاد وليس على سبيل الحصر ولعل فيهما الكفاية: ـ

المثال الأول: قال محمد سليمان الطيب وهو ينتمي إلى قبيلة سليم في كتابه «موسوعة القبائل العربية» ص650 ما نصه: (قبلة الصوالحة في جنوب سيناء ببلاد الطور والصوالحة فرع انفصل من حرب قبل سبعة قرون سكنوا بلاد الطور قبل ستة قرون فإذا نظرنا إلى هؤلاء في قوة شكيمتهم ومن ثم اعتراف الدولة المصرية بهم فور وجودهم وإعهاد حماية الحجاج المصريين وتسليم الممتلكات للدير وحدائقه إلى شيخهم قويضي بن خبيزات بن منجد رغم أن وجوده هو وجماعته لم يتجاوز اثنين وعشرين عاماً حينئذٍ ثم نرى العجب في عام 949هـ من هؤلاء الصوالحة من حرب الحجاز يخوضون ملحمة رائعة تشبه الأسطورة وهي قيامهم بهزيمة قبيلتين وهم النفيعات والعليقات رغم أن فرسان هاتين القبيلتين كانتا ضعفي عدد فرسان الصوالحة أي مئة ضد ثلاث مئة والنسبة 1/ 3 أي لكل رجل من الصوالحة ثلاثة رجال يقاتلهم! وهنا القتال بالسيوف وليس بالبارود يمكن لقوة مثلاً أن تأخذ ستاراً وتتصيد القوة المعادية رغم كثرتها أي هنا مواجهة رجال الصوالحة حتمية مع خصومهم والمبارزة والنزال وجهاً لوجه. والهدف من ذكر هذا المثال عن هذا العنصر ألا وهو قبيلة حرب ذات البأس والقوة وليس هذا جديداً على هؤلاء فإن اللَّه سبحانه وتعالى صنف البشر خاصة في حومة الوغى كما رأينا أن الأنصار من الأزد القحطانية اشتهروا بالصبر والجلد عند اللقاء أي في حومة الميدان وملاقاة الفرسان وأقرب دليل هو نداء العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلّم فيهم في غزوة حنين مع هوازن واندفاعهم كالسيل الجارف على صفوف المسلمين.

فقال الأنصار لبيك لبيك ولما نظر النبي صلى الله عليه وسلّم مجتلدهم مع هوازن قال «الوطيس الآن» ويقصد صلى الله عليه وسلّم وطيس الحرب أي شدتها وضراوتها.

وكما رأينا في معركة وادي الحمام قرب قلعة الطور أن الصوالحة من حرب قد قتلوا مئتين وخمسين من أعدائهم رغم أن عددهم كان فوق المئة بقليل!! وقد أسروا أربعين رجلاً بقائدهم كما أسفلنا في سرد هذه الحرب التاريخية المدونة في وثائق كتاب «الأم» وبشهود عيان محايدين يمثلهم العايدي مشرف بعثة الحجاج المصريين المكلف من قبل الدولة وقاضي محكمة شرعية في مصر فأي فروسية مثل هذه وأي بأس لهؤلاء البشر.

المثال الثاني: ذكر المؤرخون والرحالة أنه:

ـ في سنة 912هـ اضطر شريف مكة إلى الاستنجاد بسلطان نجد أجود بن زامل الجبري لدفع غائلة البادية من قبيلة حرب وبني إبراهيم فأرسل إليه جيشاً يقارب خمسين الفاً بقيادة ابنه محمد كما ذكر مؤلف كتاب «السلاح والعدة في تاريخ جدة».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير