تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم تُطهَّرْ مصرُ من بقايا الباطنيين العُبيديين جرّاء التسامُح والرحمة والشفقة التي اتسم بها المصريون، وهذا ما سمح للباطنيين أن ينتقلوا من العمل العلني إلى العمل السريّ، وهنالك أدلة على استمرار العمل الباطني يمكننا أن نتتبعها من خلال تتبُّع تاريخ وأنشطة "كهف السودان" الواقع على سفح جبل المقطّم الذي يُطلّ على قلعة محمد علي باشا، ويُعرف بعدّة أسماء هي: كهف السودان، وتكية البكتاشية، وضريح عبد الله المغاوري، وزاوية المغاوري، وخانقاه وتكية المغاوري. ويعود تاريخ إنشاء كهف السودان إلى عهد الحاكم العبيدي الباطني الظاهر لإعزاز دين الله 411 – 427 هـ /1021 - 1036م (8)، وكان آخر مَن أقام بهذا الكهف قديماً "عبد الله بن الحسن بن قرقوب" سنة 428هـ/ 1056م فى عهد المستنصر بالله العبيدي الباطني.

وممن أقام بهذا الكهف البابا "قابغوسز" الأرنؤوطي المشهور باسم "عبد الله المغاوري" الذي حضر إلى مصر سنة 761 هـ/ 1359م، وأقام بالقاهرة، ثم سافر إلى الحجاز 776 هـ/ 1374م، ثم سافر إلى العراق وزار النجف وكربلاء، ثم عاد إلى مصر مرة أخرى سنة 799 هـ/ 1396م، ومات فيها سنة 818 هـ/ 1415م، ودفن في القبر المعروف باسمه في كهف السودان، وتتابع دفن باباوات البكتاشية في كهف السودان، وحمل الرقم السادس والثلاثين "محمد لطفى بابا" الأرنؤوطي الذي قصد إسطنبول سنة 1300 هـ/ 1882م، ثم زار كربلاء، وعاد إلى تكية مؤسس البكتاشية، في تركيا، ثم عُيِّن بابا للبكتاشية في مصر سنة 1319 هـ/ 1901م، ثم تنازل عن البابوية سنة 1354 هـ/ 1936م لأحمد سري بابا الألباني.

ولقد كان من شيوخ تكية كهف السودان في المقطم "نعمة الله الحسيني "شيخ زاوية "كرمان الجلالية" الذي قدم إلى مصر سنة 820هـ/ 1417م ولما مات الحسيني، قام بتجديد كهف السودان، أو التكية مريده نور الدين أحمد الإيجي سنة 905 هـ/ 1499م، ثم آلت التكية رسمياًّ إلى طائفة البكتاشية التي تُنسب إلى الباطني "حاجي بكتاش النيسابوري".

وخلال الفترة من عام 1321 هـ/ 1903م إلى عام 1345هـ/ 1927م قام كلاًّ من الأمير كمال الدين حسين نجل السلطان حسين كامل (1914 - 1917 م) والأمير لطفي – أحد شيوخ التكية – بتجديد ضريح المغاوري كما يتضح من النص التأسيسي بضريح عبد الله المغاوري الأرنؤوطي.

ومِن بكتاشية محمد علي باشا الْمُقربين الذين ذكَرَهم الجبرتي أكثر من مرة "عبد الله بكتاش الترجمان"، ومن ذلك قوله "أخذ الباشا (محمد علي) يدبِّر في تفريق جمعهم، وخذلان السيد عمر (مكرم) لما في نفسه من عدم إنفاذ أغراضه، ومعارضته له في غالب الأمور .. ثم في ليلتها حضر ديوان أفندي، وعبد الله بكتاش الترجمان، وحضر المهدي، والدواخلي، الجميع عند السيد عمر، وطال بينهم الكلام والمعالجة في طلوعهم ومقابلتهم الباشا .. .. فاعتذر الشيخ الأمير بأنه متوعِّك، ثم قام المهدي والدواخلي وخرجا صُحبة ديوان أفندي، و (عبد الله بكتاش) الترجمان، وطلعوا إلى القلعة وتقابلوا مع الباشا ودار بينهم كلام .. ثم أخذ يلوم على السيد عمر في تخلفه وتعنُّته، ويثني على البواقي. .. فعند ذلك تبين قصْدُ الباشا لهم، ووافق ذلك ما في نفوسهم من الحقد للسيد عمر ..

واستهل شهر جمادى الثانية بيوم الجمعة سنة 1224هـ

فيه حضر ديوان أفندي، وعبد الله بكتاش الترجمان، واجتمع المشايخ ببيت السيد عمر، وتكلموا في شأن الطلوع إلى الباشا ومقابلته، فحلف السيد عمر أنه لا يطلع إليه، ولا يجتمع به ولا يرى له وجهاً إلا إذا أبطل هذه الأحدوثات .. ثم اتفقوا على طلوع الشيخ عبد الله الشرقاوي والمهدي والدواخلي والفيومي، وذلك على خلاف غرض السيد عمر، وقد ظنَّ أنهم يمتنعون لامتناعه للعهد السابق والأيمان، فلما طلعوا إلى الباشا وتكلمُّوا معه وقد فهِمَ كلٌّ منهم لُغَةَ الآخر الباطنية .. " (9).

وهنا يصبح السؤال مشروعاً عن لغتهم الباطنية التي يشارك فيها عبد الله بكتاش، وعن علاقة محمد علي باشا مع عبد الله بكتاش والبكتاشية، ويضاف إلى ذلك السؤال عن علاقة نجل السلطان حسين كامل بالطريقة البكتاشية الباطنية، ودفنه في كهفهم؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير