تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و مما يؤكد ارتباط أسرة محمد علي باشا بالبكتاشية اهتمام حُكام العائلة وأتباعها بالتكية البكتاشية والبكتاشيين، ومن القرائن على ذلك وجود ضريح الأمير كمال الدين حسين وعائلته في تكية البكتاشية سابقاً، قبل نقله إلى مقابر العائلة المالكة بالبساتين. ومن قرائن الأدلة على الارتباط "الأرنؤوطي" الألباني بالبكتاشية "البكطاشية" "البكداشية" وجود تابوتين في مقبرة التكية البكتاشية لكل من الأميرة روحية والأميرة نافية ابنتي الملك الألباني السابق أحمد زغو البكتاشي الذي تولَّى حكم ألبانيا سنة 1341هـ/ 1922م (10) وأقام في مصر فترة من الزمن.

ومن الراجح أن البكتاشية قد ازدهرت في مصر في عهد شيخها الأرنؤوطي "أحمد سري دده بابا" الذي تولي أمر التكية سنة 1917م، وأقام علاقاتٍ وثيقةً مع باطنية إيران، ومن الأدلة على التغلغل الفارسي الباطني بين بكتاشية مصر وجودُ لوحتين من الرخام الملون في التكية البكتاشية، كُتِبَتا باللغة الفارسية، وتحتوي كلّ منها على النَّصِّ التأسيسي لتجديد الضريح الذي قام به كلٌّ من الأمير كمال الدين حسين نجل السلطان حسين، والأمير لطفي دده بابا – أحد شيوخ التكية البكتاشية (11). واحتوت هذه التكية على ما يُعرف باسم الكوشك وكان خاصا بشيخ البكتاشية أحمد سري دده بابا، وقد أنشأ الكوشك سنة 1374 هـ / 1954م، وعندما اجتاحت قوات إبراهيم باشا حلب والأناضول أعادت التشكيلات الإنكشارية، ونحرت القرابين في التكايا البكتاشية بأمر البكتاشي الباطني إبراهيم باشا بن محمد علي باشا.

طلائع البكتاشية في مصر

البكتاشية فرقة من الشيعة المتطرفة، وقد انتشرت هذه الطريقة بمصر، وكانوا يسكنون أول الأمر فى تكية القصر العيني التي أنشأها الناصر فرج بن برقوق سنة 806هـ/ 1403م، ثم سكن بها الشيخ عبد الله المغاوري ودراويشه، ثم انتقل البكتاشيون إلى كهف السودان في عهد الخديوي إسماعيل باشا.

ويقول البكتاشيون: "استطاع مؤسس الطريقة البكتاشية وهو (خنكار محمد بكتاش) أن يربي مجموعة من المريدين وكان منهم (أبدال موسى سلطان) الذي كان خليفة بعده، وربى أبدال هذا رجلا يسمى (قبوغوسز) وهذا القبوغوسز (المجهول الحسب والنسب) تسمَّى بغيبي (12) ( .. .. ) واستطاع هذا الرجل أن يرتحل مع مجموعة من الدراويش من تركية إلى مصر، واختار لمن يصحبه في هذه الرحلة دراويش من النوع الذين يطيعون في كل صغيرة وكبيرة حتى إنه كان يقول لهم عن الشجرة الباسقة الطويلة. . هذه شجرة قثاء، فيقولون: نعم هي قثاء" (13).

بدأ انتشار بذور الطريقة البكتاشية في مصر مع قُدوم "قبوغوسز" الذي سمّى نفسه عبدالله المغاوري، وسمّى البكتاشيون أوّل تكية لهم: تكية القصر العيني، وظل هذا الحال قائمًا في مصر إلى سنة 1242هـ/ 1826م، واستمرت الطريقة البكتاشية في مصر، وترأسها الشيخ علي الساعاتي الذي حاز لقب (دده بابا) وبنى تكية بكتاشية في باب اللوق، وأخذ يُعطي العهود البكتاشية، ويقيم الطقوس البكتاشية. وفي سنة 1276هـ/1859م صدرت أوامر محمد سعيد باشا (1854 - 1863م) بتخصيص المغاره التي دُفن فيها عبدالله المغاوري "قبوغوسز " للطريقة البكتاشية، وهذا يعني أن رابع حكّام أسرة محمد علي باشا قد جاهر بولائه للبكتاشية الباطنية التي تعتنقها الأكثرية الألبانية الأرنؤوطية في آقجه حصار ـ تيرانا وغيرها.

وبعد أن انتحر "صالح نيازي بابا" سنة 1949، اجتمع أتباع الحركة البكتاشية واختاروا "أحمد سري" البكتاشي الأرنؤوطي شيخاً لتكية قبوغوسز الأرنؤوطي (عبدالله المغاوري) وكان ذلك في 30 كانون الثاني/ يناير سنة 1949م (14).

ومنذ ذلك الوقت أصبح المقرُّ الرئيسي للبكتاشية العالمية في مصر، وأصبح أحمد سري (دده بابا) شيخ مشايخ البكتاشية. وفي كانون الثاني/ يناير سنة 1957م أمرت حكومة الجمهورية المصرية بإخلاء تكية المقطم، وأعطت البكتاشيين مقراًّ آخر في ضاحية المعادي فصمّموه على غرار التكايا البكتاشية، ثم نشط البكتاشيون في مصر، وجدَّدوا تكاياهم القديمة، وأنشؤوا الكثير من المكتبات والمراكز السرية، وأقاموا علاقات قوية مع آغا خان الإسماعيلة، وزودتهم سفارة جمهورية إيران الخمينية بالمطبوعات، وعاضدهم نصيرية سوريا العلويين أبناء جبل اللُّكام، وبقية اتباع الحركات الهدّامة وأهل البدع.

صعود البكتاشية وهبوطها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير