تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التي جنت ثمار الحرب العالمية الأولى التي تمخضت عن اتفاقية سايكس بيكو التي بدأ تطبيقها العملي منذ سنة 1918م، ومازال التآمر مستمراً ظاهراً وباطناً حتى الآن مرَّة باسم الحداثة، ومرة باسم العلمانية، ومرة باسم الديموقراطية، ومرة باسم الحرية والإخاء والمساواة، والهدف والغاية التي من كل هذه الوسائل هي القضاء على الإسلام والمسلمين.

الجوامع المشتركة بين محمد علي والبكتاشية

يتضح مما سبق أن البكتاشية هي أخطر الحركات الهدامة التي ألحقت الأذي بالسلطنة العثمانية، وقد قدمت خدماتها للباطني تيمور لنك، وللصفويين الباطنيين، والصليبيين الأوروبيين والروس الأرثوذكس، والصهاينة ويهود الدونمة. وهذه الصِّفات البكتاشية في معاداة الخلافة الإسلامية العثمانية السُّنِّيَّة تنطبق على محمد علي باشا، وذلك في النقاط التالية:

1 ـ الغُموض يحيط بأصول بأسرة محمد علي باشا، وشأنها في ذلك شأن غيرها من الباطنيين، فقد انتقلت أسرة إبراهيم آغا من مدينة قونيا في الأناضول إلى أدرنة، ثم تعين إبراهيم آغا رئيس حرس قلعة كَولة الواقعة في مقدونيا اليونانية، وتمّ تعيين أخيه طوسون مُتسلماً للبلدة، وصار علي بن طوسون بيلربيه، وجاء محمد علي إلى مصر كمعاون لحسن باشا البويانلي قائد مجموعة "باشيبوزوق" الأرنؤوط الذين قصدوا مصر بعد الحملة الفرنسية (30) وآلت إليه قيادة "الباشيبوزوق" "الرأس الخربان" بعد عودة قائدها إلى بلده لأسباب مجهولة.

2 ـ كان محمد علي باشا "أمي، عاقل، ذكي" (31) وكان "من طبعه الحقد والحسد والتطلع لما في أيدي الناس" (32) وقد تعامل بقسوة بالغة مع المسلمين السُّنَّة المصريين، ففرض عليهم الضرائب الباهظة حتى هجَّرهم من مصر إلى بلاد الشام وغيرها (33)، وطلب استردادهم من عبد الله باشا، فرفض إعادتهم، واتخذ محمد علي باشا ذلك الرفض وسيلة للهجوم على بلاد الشام (34) وهذه الأعمال لايقوم بها مسلم صالح.

3 ـ جمع محمد علي حوله السفلة، واعتمد على غير المسلمين من الأقباط والأرمن واليهود، وتنكر لنقيب الأشراف لشيخ عمر مَكْرَم بن حسين السيوطي 1168؟ -1237هـ / 1755؟ -1822م، ونفاه إلى دمياط سنة 1222هـ، ثم نفاه إلى طنطا التي توفى فيها، وهذا دليل على حقده الباطني على علماء المسلمين الصالحين والوطنيين (35)، وقد وصفه أمير المصريين القبالي ابراهيم بك الكبير فقال شارحاً سيرة محمد علي باشا في مصر: "إننا سبرنا أحواله وخيانته، وشاهدنا ذلك في كثير مِمَّن خدموه، ونصحوا معه حتى ملَّكوه هذه المملكة.

قال إبراهيم بك: أوَّلُهُم مخدومه محمد باشا خسرو، ثم كتخداه وخازنداره عثمان آغا جنج الذي خامر معه، وملك مع أخيه المرحوم طاهر باشا القلعة، وأحرق سرايته، ثم سلَّط الأتراك على طاهر باشا حتى قتلوه في داره، وأظهر موالاتنا وصداقتنا ومساعدتنا، وصيَّر نفسَه من عسكرنا، واتَّحَدَ بعثمان بك البرديسي، وأظهر له خُلُوصَ الصداقة والأخوّة، وعاهد بالأيْمَان حتى أغراه على علي باشا الطرابلسي، وجرى ما جرى عليه من القتل، ونسَب ذلك إلينا، ثم اشتغل معه على خيانته لأخيه الألفي وأتباعه، ثم سلَّط علينا العساكر يطلب العلوفة، وأشار على عثمان بك بطلب المال من الرعية حتى وقع لنا ما وقع، وخرجنا من مصر على الصورة التي خرجنا عليها، ثم أحضر أحمد باشا خورشيد وولاه وزيرًا، وخرج هو لِمُحاربتنا، ثم اتَّضح أمرُه لأحمد باشا، وأراد الإيقاع به، فعجَّل العود إلى مصر، وأوقع بينه وبين جُنده حتى نفروا منه ونابذوه، وألقى إلى السيد عمر، والقاضي، والمشايخ: أن أحمد باشا يريد الفتكَ بِهم، فهيَّجوا العامة والخاصَّة، وجرى ما جرى من الحروب وحرقِ الدور، وبذل السيد عمر جهدَه في النُّصح معه بما يُظهره له من الْحُبِّ والصداقة، وراجت عليه أحواله حتى تمكَّن أمرُهُ، وبلغ مرادَه وأوقع به، وأخرجَه من مصر، وغرَّبه عن وطنه، ونقضَ العهودَ والمواثيق التي كانت بينه وبينه، كما فعل بعمر بك وغيره، وكلُّ ذلك معلومٌ، ومُشاهَدٌ لكم ولغيركم، فمَن يأمَن لهذا، ويعقد معه صلحًا؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير