تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

7 ـ تظاهر محمد علي باشا بالطاعة للعثمانيين، فأرسل الجيش المصري إلى اليونان سنة 1239 هـ/ 1824م بقيادة إبراهيم باشا، والمستشار سليمان باشا الفرنساوي، وبعد السيطرة على اليونان هجمت القوات الأوروبية على المسلمين في ميناء نافارين، فأغرقت السفن المصرية والسفن العثمانية، واستشهد ما يقرب من ثلاثين ألف مسلم، وانسحبت قوات محمد علي باشا سنة 1244 هـ/ 1828م، وحلَّت محلَّها القواتُ الفرنسية، وفُصلت اليونان عن السلطنة العثمانية (44). وبعد الهزيمة صوّر المنافقون تلك الهزيمة بصورة الانتصار المهمّ ضمن انتصارات محمد علي باشا رغم أنها أسفرت عقد مؤتمر لندن في 8 جمادى الأولى سنة 1242 هـ/ 16 نوفمبر سنة 1826م، وأسفر عن بداية انفصال اليونان.

8 ـ اقتفت قوات محمد علي باشا آثار نابليون بالهجوم على بلدان الخلافة العثمانية في فلسطين بمساعدات فرنسية، ثم حقَّقت سنة 1247 هـ/ 1832م ما عجز عنه نابليون من سفك دماء المسلمين في عكا (45) وسوريا الكبرى، وفتحت المجال واسعاً أمام البعثات التبشيرية النصرانية، وعندما احتل مدينة حلب السورية، أعاد تشكيلات الإنكشارية ونحر القرابين وقدّمها في التكايا البكتاشية (46) التي حلَّها السلطان محمود الثاني سابقاً، وفي تلك الأثناء قام محمد علي باشا بمراسلة مصطفى باشا والي اشقودرة الألبانية وتحريضه على العصيان والتمرد على الخلافة الإسلامية العثمانية (47)، واستنزف تمرده وعصيانه القوات العثمانية، وأضعفتها حيث وصلت شرورها إلى مدينة قونية في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 1832م (48)، وأعاد الإعتبار للإنكشارية المنحلة، وافتتح التكايا البكتاشية، وأرسلت القرابين إلى تكية "حاجي بكتاش"، وأمر إبراهيم باشا بإحياء الأنظمة التي ألغاها السلطان محمود الثاني (49) ثم وصلت كوتاهية سنة 1248 هـ/ 1833م، (50) بسبب الدعم الروسي النمساوي الفرنسي الإنكليزي، وكانت تلك القوات التي بقيادة إبراهيم باشا الذي وصفه البيطار بقوله: "غشومٌ ظالمٌ، وظلومٌ غاشمٌ ( .. ) مُحْتَوٍ على الفساد، منطوٍ على الإنكاد، مجبولٌ على الغلظة والقساوة، مجعولٌ من الفظاظة، معدومٌ من اللطافة والطلاوة، ممتلىءٌ منه البذا، متضلعٌ من الأذى، لم يخلق الله تعالى في قلبه شيئاً من الرحمة فيُنتَزع، ولم يودع الله لسانه لفظاً من الخير فيُستَمع، سفاكٌ لدماء المسلمين، نباذٌ لطاعة أمير المؤمنين، كان يعتقد أن ذلك ليس أمراً ذميماً .. " (51).

9 ـ تعاونت قوات محمد علي مع النصيرية البكتاشية والنصارى في بلاد الشام، وأهانت المسلمين السُّنَّة، وكانت بقيادة ابنه إبراهيم الذي "وجهه والده إلى الأراضي الشامية، ليضمها إلى الحكومة المصرية، فلم يزل يسير بعساكره، متقلداً لسيف طغيانه ومناكره، حتى حلَّ حي عكَّة (سنة 1227 هـ/1832م)، وكان الوالي بها عبد الله باشا من طرف الدولة العثمانية، فدكَّها دكَّة أيّ دكَّة" (52)، وكانت أعماله بمثابة الانتقام "بمفعول رجعي" لما لحق بعملاء الصفويين بعد وصول السلطان سليم الأول إلى بلاد الشام سنة922 هـ/ 1516م، ولما لحق نابليون بونابرت من العار والهزيمة أمام أسوار عكا العثمانية الفلسطينية المجاهدة سنة 1214 هـ/ 1799م.

(10) ـ الخلاصة: إنّ حركات محمد علي باشا وعصيانه وتمرده قد ساهمت بإضعاف الخلافة الإسلامية العثمانية، وتقوية أعدائها من روس وأوروبيين وباطنيين وصهاينة، وهكذا يعتبر من أخطر أعدائها، وأعداء العرب والمسلمين، حيث أن عصاينه قد مهَّد الطريق أمام الاحتلال الإنكليزي لمصر سنة1300هـ/ 1882م، والاحتلال الفرنسي للجزائر سنة1246 هـ/ 1830م، ولتونس سنة 1299هـ/ 1881م، والاحتلال الروسي للأفلاق والبغدان "رومانيا" سنة 1265 هـ/ 1848م، ونشر التغريب في مصر، وأضعف التعريب. وأتاحت أسرة محمد علي المجال لعودة التشيع إلى مصر، وسمحت بدراسة التشيع في الجامع الأزهر.

00000

ـ[محمد المبارك]ــــــــ[13 - 11 - 07, 03:31 م]ـ

--

الهوامش:

(1) الدولة العثمانية، د. علي محمد الصلابي، ص: 200 ـ 208، دار المعرفة بيروت سنة 1425 هـ/ 2004م.

(2) العثمانيون في التاريخ والحضارة، د. محمد حرب، ص: 170 ـ 171، نقلاً عن وثيقة متحف طوب قابي في إيطنبول، رقم 11634 (26)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير