تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خير البشرية في إرسال الرسل لهدايتهم إليه وتبليغ منهجه، وأن يكون هؤلاء الرسل منهم – أي من البشر دون الملائكة أو دون غيرهم من المخلوقات – فكانت مشيئته سبحانه وتعالى بإرسالهم تترا، رسول يتبع رسول ونبي يعقب نبي، وفق منهج محدد ووفق أسس ومعايير مقدرة ومحكمة، وعلم أن هؤلاء الرسل هم خير وأفضل من يؤدون دورهم المنوط القيام به، فكانت مشيئته اختيارهم على العالمين واصطفائهم على غيرهم من البشر، فقال سبحانه (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (22)

قال بن القيم:-

" ومن ها هنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به وتصديقه فيما أخبر به وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضى الله البتة إلا على أيديهم، فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم، وما جاؤوا به فهو الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها والروح إلى حياتها، فأي ضرورة وحاجة فرضت فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير" (23)،

والقول فى هذا الباب جم كثير، وغاية ما أود الوصول إليه هو أن هذه المعايير أو الشروط القدرية هي عبارة عن تنظيم وتدبير من الله لكل ما يتعلق بالرسالة والرسل والمرسل إليهم، وبدون هذه المعايير وهذا التنظيم تكون الأمور عشوائية لا ضابط لها ولا أساس، فلا دخل للأنبياء إذن فيها لكونها هبة من الله لهم ومنٌ عليهم، قال تعالى على لسان بعض رسله ردا على قومهم الذين يكذبونهم (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) (24) وإن استحقوا هذه الهبة لتوافر شروطها فيهم، ولا دخل للمرسل إليهم أيضا فيها، قال تعالى (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) (25)، وإن كان الغرض من ارسال الرسل والأنبياء إليهم هو مصلحتهم ومنفعتهم،، ومن ثم لا يجوز الدفع بعدم جواز هذه المشيئة أو بطلانها أو نقصانها أو فسادها، ولا يجوز التعرض لها أو تأويلها إلا بالقدر الذي يتيح البحث عن الحكمة منها


(1) النبوة من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ للأستاذ/ علي مبارك ص 15
(2) الأنعام من الآية 124
(3) مريم 53 (4) الأنعام من الآية 84 (5) طه:13
(6) تفسير بن كثير لسورة طه ج4 ص145 (7) السجدة: من الآية4
(8) يونس 5 (9) الزمر 62 (10) الانفطار 6 وما بعدها (11) الحجر 27
(12) صريح السنة لمحمد بن جرير الطبري (13) الذاريات 56
(14) الكهف من الآية 29 (15) هكذا وجدته في تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ولم أجده عند غيره
(16) الإنسان 30 (17) البقرة 35 وما بعدها (18) العنكبوت 40
(19) الإسراء 88 (20) المسد (21) المدثر 11 وما بعدها
(22) الحج 57 (23) ابن القيم زاد الميعاد ج 1 ص69
(24) إبراهيم من الآية 11 (25) الزخرف الآية 31 وما بعده

ـ[عبد العزيز عيد]ــــــــ[05 - 12 - 07, 11:04 م]ـ
معايير الاصطفاء

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير