تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (11) ولما طلب موسى عليه السلام منهم أن يدخلوا الأرض المقدسة التى أعدها الله لهم، رفضوا وظلوا على رفضهم رغم هذه الآيات والمعجزات وقالوا (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) (12) فحرمها عليهم ربهم وقضى عليهم بالتيه أربعين سنة مات فيها موسى وهارون دون أن ينفذوا أمرهما أو يقاتلا معهما

فقال سبحانه (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)

(13) حتى عيسى عليه السلام لم يؤمن معه إلا قليل حتى قيل أن عددهم لم يتجاوز اثنا عشرة رجلا , وكان إيمانهم بوحي من الله تعالى: قال جلا وعلا (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) (14)، ولما أراد أعدائه أن يبطشوا به ويقتلوه لم يتمكنوا من إنقاذه وتركوه هاربين، ليتدخل سبحانه وتعالى فيرفع نبيه إليه وينقذه من القتل والصلب ويلقى الشبه على خائنه، وعلى هذه الشاكلة كان كل الأنبياء مع قومهم قال تعالىإِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ)

(15) وليس ذلك معناه نجاح رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دعوته بينما اخفق باقي الأنبياء , وإلا عد ذلك إنقاصا لقدرهم وطعنا فى أمانتهم، فقد جاهدوا بنفس القدر من الجهد، ولم يألوا جهدا فى سبيل تبليغ رسالة ربهم، وليس معناه أيضا عظم رسالة الإسلام عن سائر الرسالات والكتب السماوية الأخر , لأن معيار التفاضل بين الكتب والأديان السماوية ليس من هذا الوجه , ولكن من وجه أخر سوف نزيده إيضاحا فيما بعد وهو أن الإسلام كان المرحلة النهائية فى اكتمال الشرائع والرسائل السماوية، كما أن هيمنة القرآن على الكتب السماوية ليست من هذا الوجه أيضا، فكل من عند الله وكل الأديان خرجت من مشكاة واحدة وكلها تدعو الى الإسلام قال تعالى" (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) (16) و (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (17) وهكذا كل الأديان وتلك دعوة كل الأنبياء، إنما هى الحقيقة تطل بوجهها المشرق المنير من بين صفحات كتب السيرة وحياة الصحابة تنطق بالحق وتعرف به وتدل عليه , إنهم المهاجرين والأنصار والتابعين من بعدهم بإحسان، أنضج العقول وأكملها، وأرق الأفئدة وأشرفها، وأعظم الرجال واصدقها, وأطهر القلوب وأسلمها، هم الذين أعانوا نبيهم ونصروه وآزروه وأيدوه وحملوا معه أعباء الدعوة ونشروا الإسلام فى ربوع الأرض , ولولاهم ما تحقق لهذا الدين الخلود، لذا يمكن القول بأن الفترة الزمنية التى ظهر فيها الإسلام كانت أنسب الفترات، لا بالمقارنة لما قبلها فحسب ولكن بالمقارنة لما بعدها أيضا،؟ وعدم صلاحية الفترة الزمنية اللاحقة لا يرجع إلى ضعف الدعوة الإسلامية أو لعدم قدرتها أو قدرة نبيها على إنجاحها، وإنما لذات المعيار الخاص بالفترة السابقة، وهو عدم وجود هذا الرعيل الأول من المهاجرين والأنصار أو مثلهم ممن تكون لديه القدرة والعزيمة على حمل لواء الإسلام والإيمان واليقين بهما، وإلا ما آلت الأمة الإسلامية إلى ما آلت إليه الآن وبعد الآن، فضلا عن هذا التقدم التكنلوجي الذي يبدد أي تخيل أو تصور لظهور نبي أو دين جديد، في عصر وعصور لاحقة له تقيس كل شيء بمعيار العقل والعلم. بما في ذلك علامات الساعة التي نبأ بها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالزلازل مثلا جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرتها علامة على الساعة (18) بينما نظر إليها مترفي القرى والمفسدين فيها من منظور علمي بحت وفسروها بتغيرات في باطن الأرض وماشابه، إذن ما كان الزمان يصلح من قبل ومن بعد وصدق الله القائل (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) (19)


-3 - المعجزة:
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير