تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الحرية فهي شرط مفترض وبديهي، إذ لا يستقيم أن يكون النبي عبدا لغيره من الناس ويدعو إلى عبادة رب الناس، فضلا عما في العبودية من مانع وشغل عن الدعوة، " لذا اختلف السلف في لقمان هل كان نبيا أم عبدا صالحا على قول الآكثرين بالثاني، فقال ابن عباس " كان لقمان عبدا حبشيا نجارا، وقال قتادة عن عبد الله بن الزبير " قلت لجابر بن عبد الله ما انتهى إليكم من شأن لقمان؟ قال كان قصيرا أفطس الانف من النوبة "، وقال سعيد بن المسيب " كان لقمان من سودان مصر ذو مشافر أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة "، وقال شعبة عن الحكم عن مجاهد كان لقمان عبدا صالحا ولم يكن نبيا، فهذه الآثار منها ما هو مصرح فيه بنفي كونه نبيا ومنها ما هو مشعر بذلك لأن كونه عبدا قد مسه الرق ينافي كونه نبيا لأن الرسل كانت تبعث في أحساب قومها ولهذا كان جمهور السلف على أنه لم يكن نبيا، وإنما ينقل كونه نبيا عن عكرمة إن صح السند إليه قال كان لقمان نبيا وهو ضعيف (1)

وأما النسب والحسب فهما لفظان يكاد يجمعهما معنى واحد، إذ النَّسَبُ يعني القَرابةُ؛ وقيل هو في الآباء خاصَّةً؛ ومصدرُه الانْتِساب (2) ويعني في مجال حديثنا: التحاق النبي وانتسابه إلى نسل شريف لم يمسسه سفاح أو بغاء، وهو ما عرف عنه كل الأنبياء والرسل، حيث لم يثبت ولم يدعي أحد عن نبي غير ذلك، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله في الحديث الذي رواه عنه علي بن أبي طالب رضي الله " خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي " (3) .. فيما يعني الحسب عراقة السلالة النبوية التي تمتد جذورها إلى آدم عليه السلام وطيب أصلها، فقال صاحب معجم المختار " الحَسَبُ أيضا ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه " (4)

وقد تلمست هذا الشرط من قول بن كثير في تفسيره لسورة لقمان الذي أشرت إليه آنفا الذي هو

" لأن الرسل كانت تبعث في أحساب قومها " وقول هرقل عظيم الروم لأبي سفيان في الرواية الطويلة و المشهورة عنه " كذلك الأنبياء تبعث في أنساب قومها " وذلك عندما سأل أبو سفيان بعض الأسئلة عن رسول الله عليه وسلم، فكان مما سأله إياه سؤاله عن نسبه صلى الله عليه وسلم، فأجابه أبو سفيان بقوله هو فينا ذو نسب " (5) وفي بعض الحديث قوله صلى الله عليه وسلم " أنا من خيار إلى خيار " (6)


(1) تفسير القرطبي لسورة لقمان بتصرف (2) لسان العرب
(3) رواه الطبراني في الأوسط وقال الهيثمي فيه محمد بن جعفر صحح له الحاكم في المستدرك وقد تكلم فيه وبقية رجاله ثقات (4) مختار الصحاح
(5) الرواية بكاملها في صحيح البخاري برقم 7 باب بدء الوحي
(6) قال الهيثمي في الزوائد ضعيف , وذكره الجرجاني في الكامل في ضعفاء الرجال 422 وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة

4 - المعيار الأخلاقي:-
ويقصد به الدرجة الأسمى والأعظم من مكارم الأخلاق التى يجب أن يتحلى بها النبي , فلا يصح ولا يتفق أن تشوب النبي ثمة نقيصة أو عيب أخلاقي , وهذه الدرجة وصل إليها كل الأنبياء الذين قصهم الله تعالى على نبيه محمد وأولئك الذين لم يقصصهم عليه , إذ من الطبيعي أنه إذا اتصف المعلومين من الأنبياء بصفات الخلق الحسن فأن الغير معلومين موصفين أيضا بذات الخلق. لأن المبدأ واحد لا يتجزأ، فموسى عليه السلام وصفه الله تعالى فى القرآن على لسان إحدى السيدتين التى سقا لهما بأنه القوى الأمين فتقول لأبيها (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) (1) ويصفه الله في موضع آخر بقوله (وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) (2)
ويوسف عليه السلام راودته إمرأة العزيز ونساء المدينة فقال (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْه (3) ورغم ذلك قبل السجن عن هذا الابتلاء ولم يقبل عفو الملك عنه الا أن يبرأ حقيقة وفعلا، لعلمه أن النبوة لا تتحقق بشك فى خلقه عليه السلام (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) (5)
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير