وقال ابن عبدالمنعم - وقد اكثر النقل عن البكري -: طليطلة: بالاندلس، البرج المعروف بوادي الحجارة خمسة وستون ميلا، وهي مركز لجميع بلاد الاندلس؛ لأن منها الى قرطبة تسع مراحل، ومنها الى بلنسية تسع مراحل ايضا,,, ثم قال بعد سياق اسطورة الاقفال: وظن انه بيت مال قد اختزنته الملوك، ففض الاقفال عنه ودخل، فأصابه فارغا لا شيء فيه الا تابوتا عليه قفل، فأمر بفتحه؛ فألفاه فارغا ليس فيه الا شقة مدرجة صورت فيها صور العرب عليهم العمائم، وتحتهم الخيول العراب متقلدي السيوف متنكبي القسي رافعي الرايات على الرماح,, وفي اعلاها اسطر مكتوبة بالعجمية قرئت فاذا فيها: اذا كسرت الاقفال عن هذا البيت، وفتح هذا البيت؛ فظهر ما فيه من هذه الصور: فان هذه الأمة المصورة في هذه الشقة تدخل الاندلس؛ فتغلب عليها وتملكها,, فوجم لذريق، وندم على ما فعل، وعظم غمه وغم العجم لذلك، وأمر برد الاقفال واقرار الحراس، واخذ في تدبير ملكه، وذهل عما انذر به الى ان كان من امر يليان عامل لذريق على سبتة وامر ابنته في الخبر المشهور ما سبب اثارة عزمه على ادخاله العرب الى الاندلس,, الى ان كان ذلك، وسبب الله فتحها بسبب ذلك، وما بعد ذلك يذكر في غير هذا المكان
قال أبو عبدالرحمن: جرى العرب على نسبة كل قديم إلى عاد، ونسبة كل أمر باهر إلى تركة سليمان عليه السلام وملكه، فقد بهرهم ما وجدوه بالأندلس من تحف فنسبوه إلى سليمان,, وعودة بعض هذه التحف إلى روما باسم مائدة سليمان من الأساطير,, ثم ما دخل روما ولهذا الإقليم ملك نصراني مستقل؟!.
وقال الإدريسي عن النهر الذي تقع عليه طليطلة: ونهر تاجة المذكور يخرج من ناحية الجبال المتصلة بالقلعة والفنت، فينزل ماراً مع المغرب إلى مدينة طليطلة، ثم إلى طلبيرة، ثم إلى المخاضة، ثم إلى القنطرة، ثم إلى قنيطرة محمود، ثم إلى مدينة شنترين، ثم إلى لشبونة، فيصب هناك في البحر, (11)
وقال القزويني عن كسوة الكعبة ومن كساها: ثم الوليد بن عبدالملك زاد في حُلى البيت لما فتح بلاد الأندلس، فوجد بطليلطة مائدة سليمان عليه السلام,, كانت من ذهب ولها أطواق من الياقوت والزبرجد، فضرب منها حُلى الكعبة والميزاب (12)
قال أبو عبدالرحمن: لعل هذه أسطورة ثانية، وهي تنافي الأولى عن نقل المائدة إلى روما!.
وقال: طُلَيطُلة مدينة كبيرة بالأندلس من أجل مدنها قدراً، وأكثرها خيراً,, تسمّى مدينة الملوك,, ومن طيب تربتها، ولطافة هوائها تبقى الغلات في مطاميرها (13) سبعين سنة لا تتغّير,, وبها القنطرة العجيبة التي وصفها الواصفون أنّها قوس واحد من أحد طرفي الوادي إلى الطرف الآخر,, لم يرَ على وجه الأرض قوس قنطرة أعظم منها إلا قنطرة صور,, قال محمد بن عبدالرحيم الغرناطي: بقرب طليطلة نهر عظيم بنت الجن على ذلك قنطرة من الصخر عالية من الجبل إلى الجبل كأنها قوس قزح,, كلّ صخرة منها مثل بيت كبير، وقد شُدَّت تلك الحجارة بجذوع من حديد، وأذيب عليه الرصاص الأسود، وهي أزج (14) واحد يتعجب الناظرون منها لجودة بنائها، وماء ذلك النهر لا ينقطع أبداً,, وبها حجر المطر، وهو ما أخبر به بعض المغاربة: أن بقرب طليطلة حجراً إذا أراد القوم المطر أقاموه، فلا يزال يأتي المطر إلى أن يلقوه، وكلّما أرادوا المطر فعلوا ذلك.
وبها صورة ثورين من حجر صلد,, قال العذري: إن طارقاً لّما غزا طليطلة ركب على الثيران، وكان ذلك الموضع معسكره، فلعل ذلك شيء من الطلسمات.
وكان بها بيت الملوك,, كلّ من مات من ملوكها ترك تاجه في ذلك البيت، وكتب عليه عمر صاحبه ومدّة ولايته,, وكان بها بيت آخر من ملك من ملوكها قفل عليه قفلاً، ووصى لمن يكون بعده أن لا يفتح ذلك البيت حتى انتهى الملك إلى رجل اسمه لذريق,, دخل البيت الأوّل فوجد فيه أربعة وعشرين تاجاً على عدد ملوكهم، ووجد على باب البيت الآخر أربعة وعشرين قفلاً ظن أن فيه مالاً، فأراد فتحه، فاجتمعت الأساقفة والشماسة (15) وعظموا ذلك، وسألوه أن يسلك مسلك الملوك الذين كانوا قبله,, فأبى إلا فتحه، فقالوا له أيّها الملك: انظر فيما يخطر ببالك من مال تراه فيه لندفعه إليك ولا تفتحه,, فأبى إلاّ فتحه,, فلما فتحه إذا في البيت صور العرب على خيولهم بعمائمهم ونعالهم، وإذا فيه مكتوب الملك فينا ما دام هذا البيت مقفلاً، فإذا فتح فقد ذهب الملك! ,, فندم
¥