تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فعلى مرّ هذه الحقب والعراق [5] بشماله وجنوبه وشرقه وغربه بلد سُني حاكما ومحكوما، ويؤيد ذلك أن كل الرحالة والمؤرخين العرب والأجانب عندما مرّوا بالعراق أو بغداد ووصفوهما فإن كل هؤلاء ذكروا معالمه الأثرية سواء كانت المساجد أو المقابر أو التكايا أو الزوايا الصوفية أو دور العلم أو المدارس والربط والقصور كلها تدل على أصالة الوجود السُني، وأنه هو الأصل في كل تاريخ العراق وحضارته.

فقد مرّ بالعراق ابن بطوطة، والرحالة الإيطالي ماركو بولو، ومن ثم حمد الله الفارسي المتوفى سنة (740 هـ/1339م) ومن ثم التركي نصوح السلاحي المطراقي الذي رافق السلطان سليمان القانوني في فتحه بغداد (944 هـ/1536م) ورسم صورة لمدينة بغداد، والرحالة الفرنسي جزبز تافرنيه (1632 - 1652م)،ومصطفى بن كمال الدين محمد الصديقي الدمشقي (1162هـ/1749م) والدانماركي كرستين ينبور (1766م)،وصموئيل إيف (1779م) وكي لسترانج، وفيلكس جونس وكولينكوود (1853 - 1854م) ثم رشيد خواجة (1908م) كل هؤلاء الشهود الرحالة والجغرافيين شاهدوا العراق ووصفوه ورسموا خرائط للعراق ولبغداد، ولا تكاد تجد بغداد أو العراق إلا بلدا سنيا إلا يسيرا أو قليلا من المواطن الشيعية هنا وهناك.

نعم في العراق شيعة في بؤر ومناطق متفرقة؛ فالشيعة كانوا أول الأمر في الكوفة وهناك كان مركز التشيّع العلمي ثم ضعفت الكوفة، و تحول مركز العلم الشيعي من الكوفة إلى مدينة النجف – كان هذا في القرن الرابع الهجري – وبرزت بعد ذلك الحلّة المزيدية، وأصبحت الحلة ومن ثم النجف مراكز التشيع في العراق؛ بها مدارسهم وعلماؤهم [6]، و في العهد العثماني برزت مدينة كربلاء بعد أن كانت قرية صغيرة، ولا ننسى أن في غرب بغداد وفي الكرخ [7] كانت هناك محلات للشيعة في زمن الدولة العباسية. كما كان في بغداد قبر موسى الكاظم وحفيده وجامع براثا، وبقية بغداد كلها سني بجانبيه الرصافة والكرخ.

وكذا العراق فكلّه بلد سُني سواء في عاصمته بغداد وفي جنوبه البصرة وفي شماله الموصل أو ولاية شهرزور ([8]). واستمر هذا الحال في كل العهود التي تلت سقوط بغداد:

ففي عهد الإليخانيين (656 - 738هـ / 1258 - 1338م) وهم المغول وبعد أن خربوا بغداد وقتلوا أهلها:

- جاء إلى بغداد من سكنها من العشائر من حولها وأصبحت بغداد أكثر سنية فقد اندثرت حتى مدينة الكرخ الشيعية.

- ثم من بعدهم جاء الجلايريون (738 - 795 هـ) (1338 - 1392 م).

- ثم حكم تيمورلنك المغولي (795 - 808 هـ) (1392 - 1411م).

- ثم حكم الجلائريون [9] (808 - 874 هـ) (1411 - 1469م)

- ثم حكم التركمان الآق قوينلو والقرة قوينلو (874 - 914 هـ) (1469 - 1508م)

في كل هذه الفترات كان الحكم سنيا [10] بحتا لمدينة بغداد والعراق.

- ثم احتل الصفويون بغداد وجزءا من العراق سنة (914 - 930هـ /1508 - 1523 م) ونصروا الشيعة وقتلوا السنة، لكن بغداد والعراق بقيا بلدا سنيا.

- ثم طرد أمير كردي هو (ذو الفقار) الصفويين واحتل بغداد (930 - 936هـ /1523 - 1529م).

- وعاد الشاه طهماسب الصفوي واحتل بغداد (936 - 941هـ /1529 - 1534م).

- لكن العثمانيين الأتراك السُنة أنقذوا بغداد في يوم 24 جمادى الآخرة سنة (941هـ /1534م) [11] وعاد العراق سُنيا من جديد كما كان دائما.

- ثم في سنة (1030 هـ/1621 م) احتلت بغداد وبعض العراق من قبل الصفويين الذين بقوا إلى سنة (1048هـ /1633م) بيد أن العثمانيين السُنة أنقذوا بغداد والعراق من جديد بتاريخ 18 شعبان وظل العثمانيون إلى سقوط العراق بيد الأنكليز سنة 1917م. لذلك يقول كل المؤرخين الفتح العثماني بينما يقولوا الغزو الصفوي.

محاولات الشيعة لحكم العراق:

وقد حاول الشيعة قديما حكم البلاد إبان سيطرة البويهيون [12] على الحكم العباسي (320 - 447 هـ) إلا أنه ومع نصرة البويهيين للتشيع بقي العراق وأهله سُنة، وبقي حكام العراق هم العباسيين السُنة وإن كان حكمهم شكليا للبلاد، ولم يكن بوسع البويهيين إعلان التشيع؛ لأن أهل العراق السُنة يومها كانوا سيرفضون هذا الخيار، فعلماء العراق ومدارسهم كلها سُنية ولا تعرف في بغداد أي مدرسة شيعية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير