هو أن اعتقاد أهل السنة و الجماعة: الإيمان بما وصف الله به نفسه، و بما و صفه به رسوله. من غير تحريف، و لا تعطيل، و لا تكييف، و لا تمثيل. و أن القرآن كلام الله، غير مخلوق. منه بدأ و إليه يعود. و الإيمان بأن الله خالف كل شيء من أفعال العباد و غيرها. وأنه ما شاء الله كان، و ما لم يشأ لم يكن. و أنه أمر بالطاعة ورضيها و أحبها. و نهى عن المعصية و كرهها. و العبد فاعل حقيقة. و الله خالق فعله. وأن الإيمان و الدين قول و عمل يزيد وينقص. و أن لا نكفر أحداً من أهل القبلة بالذنوب. ولا نخلد في النار من أهل الإيمان أحداً، وأن الخلفاء بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي وأن مرتبتهم في الفضل كمرتبتهم في الخلافة ومن قدم علياً علي عثمان. فقد أزري بالمهاجرين و الأنصار.
وذكرت هذا و نحوه. فإني الآن قد بعد عهدي. و لم أحفظ لفظ ما أمليته إذ ذاك ثم قلت للأمير و الحاضرين: أنا أعلم أن أقواما يكذبون علي، كما قد كذبوا علي غير مرة. وإن أمليت الاعتقاد من حفظي ربما يقولون: كتم بعضه، أو داهن وداري. فأنا أحضر عقيدة مكتوبة من نحو سبع سنين، قبل مجئ التترى إلى الشام.
قلت: قبل حضورها كلاما قد بعد عهدي به. وغضبت شديداً، لكني أذكر أني قلت:
أنا أعلم أن أقوماً كذبوا على. و قالوا للسلطان أشياء. و تكلمت بلام احتجت إليه. مثل أن قلت:
من قام بالإسلام في أوقات الحاجة غيري؟ ومن الذي أوضح دلائله، و بينه، وجاهد أعداءه، وأقامه لما مال، حين تخلي عنه كل أحد، فلا أحد ينطق بحجته، ولا أحد يجاهد عنه، وقمت مظهراً لحجته، مجاهداً عنه، مرغباً فيه؟
فإذا كان هؤلاء يطمعون في الكلام في فكيف يصنعون بغيري؟
ولو أن يهودياً طلب من السلطان الإنصاف لوجب عليه أن ينصفه، وأنا قد أعفو عن حقي، و قد لا أعفو. بل قد أطلب الإنصاف منه. وأن يحضر هؤلاء الذين يكذبون ليحاققوا على افترائهم.
وقلت كلاماً أطول من هذا، من هذا الجنس. لكن بعد عهدي به
فأشار الأمير إلى كاتب الدرج: محي الدين، أن يكتب ذلك.
وقلت أيضاً: كل من خالفني في شيء مما كتبته فأنا أعلم بمذهبه منه.
وما أدري، هل قلت هذا قبل حضورها. أو بعدها؟
لكنني قلت أيضاً: بعد حضورها و قراءتها، ماذكرت فيها فصلا إلا وفيه مخالف من المنتسبين إلى القبلة. وكل خلاف لطائفة من الطوائف.
ثم أرسلت من أحضرها، و معها كراريس بخطي من المنزل. فحضرت العقيدة الواسطية.
وقلت لهم: هذه كان سبب كتابتها: أنه قدم من أرض واسط بعض قضاة نواحيها: شيخ يقال له رضي الدين الواسطى. قدم علينا حاجاً. وكان من أهل الخير والدين. وشكا ما الناس فيه بتلك البلاد وفي دولة التتر من غلبه الجهل و الظلم، ودروس الدين و العلم. و سألني أن أكتب له عقيدة تكون عمدة له ولأهل بيته.
فاستعفيت من ذلك. وقلت: قد كتب الناس عقائد متعددة فخذ بعض عقائد أئمة السنة.
فألح في السؤال. وقال: ما أحب إلا عقيدة تكتبها أنت.
فكتبت له هذه القيدة. وأنا قاعد بعد العصر.
وقد انتشرت بها نسخ كثيرة في مصر و العراق و غيرها.
فأشار الأمير بأن لا أقرأها أنا - لرفع الريبة - و أعطاها لكاتبه الشيخ كمال الدين.
فقرأها على الحاضرين حرفاً حرفاً، و الجماعة الحاضرون يسمعونها. و يورد المورد منهم ما شاء. و يعارض فيما شاء. والأمير أيضاً: يسأل عن مواضع فيها.
وقد علم الناس ما كان في نفوس طائفة من الحاضرين من الخلاف و الهوى: ما قد علم الناس بعضه. وبعضه بسبب الاعتقاد، و بعضه بغير ذلك.
ولا يمكن ذكر ما جرى من الكلام و المناظرات في هذه المجالس. فإنه كثير لا ينضبط.
لكن أكتب ملخص ما حضرني من ذلك مع بعد العهد بذلك.
ومع أنه كان يجري رفع أصوات و لغط لا ينضبط. فكان مما اعترض عليه بعضهم محمد.: من غير تحريف و لا تعطيل، و لا تكييف ولا تمثيل "
فقال: ما المراد بالتحريف و التعطيل؟
ومقصوده: أن هذا ينفي التأويل الذي يثبته أهل التأويل، الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره، إما وجوبا وإما جوازا.
¥