تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولم يأل القسسُ والرهبان في إثارة حماس جند أوروبا الذين يقودهم سبستيان، مذكرين أن البابا أحل من أوزار والخطايا أرواح من يلقون حتفهم في هذه الحروب التي أتسمت بطابع الحروب الصليبية.

وانطلقت عشرات الطلقات النارية من الطرفين كليهما إيذاناً ببدء المعركة.

لقد قام السلطان عبدالملك برد الهجوم الاول منطلقاً كالسهم شاهراً سيفه يمهد الطريق لجنوده الى صفوف النصارى، وغالبه المرض الذي سايره من مراكش ودخل خيمته وماهي إلا دقائق حتى فاضت روحه في ساحة الفدى، لقد رفض أن يتخلف عن المعركة قائلاً ومتى كان المرض يثني المسلمين عن الجهاد في سبيل الله، وأمر هذا القائد المجاهد عجيب في الحزم والشجاعة، ولقد فاضت روحه وهو واضع سبابته على فمه مشيراً أن يكتموا الأمر حتى يتم النصر، ولا يضطربوا وكان كذلك، فلم يعلم أحد بموته إلا أخوه أحمد المنصور وحاجبه رضوان العلج، وصار حاجبه يقول للجند: (السلطان يأمر فلاناً أن يذهب الى موضع كذا، وفلاناً يلزم الراية، وفلاناً يتقدم وفلاناً يتأخر) ().

وقاد احمد المنصور مقدمة الجيش وصدم مؤخرة الجيش البرتغالي، وأوقدت النار في برود النصارى، وصدم المسلمون رماتهم، فتهالك قسم منهم صرعى، وولى الباقون الادبار قاصدين قنطرة نهر واد المخازن وكانت تلك القنطرة أثر بعد عين، نسفها المسلمون بأمر سلطانهم، فارتموا بالنهر، فغرق من غرق وأسر من أسر، وقتل من قتل، وصُرع سبستيان وألوف من حوله، ووقع المتوكل رمز الخيانة غريقاً في نهر وادي المخازن.

واستمرت المعركة أربع ساعات وثلت الساعة، وكتب الله فيها النصر للاسلام والمسلمين ().

جاء في (درة السلوك) لأحمد بن القاضي، وهو معاصر لأحداث المعركة "مخطوط بدار الوثائق بالرباط د 428، ص14":

وابن أخيه بالنصارى اعتصما

وصار يستجدهم لمن سَمَا

أجابه اللعينُ بستيان

بجيشه ومعه الاوثان

وعدد الجيوش الذي جمعا

ينيف عن مائة ألف سُمِعا

فخلص الاسلام من يَدِ اللعين

بصبره على لقاء المشركين

مامنهم إلا قتيل وأسير

في ساعة من الزمان ذا شهيد

مات بها بستيان اللعين

فماله عن الردى معين

ثم محمد الذي أتى به

مات غريقاً يوماً فانتبهِ

لحكمه الله العظيم القاهر

أفادهم وزيَّنَ المنابر

بذكر عمه أبي العباس

الحازم الرّ أي شديد الباس

نجلُ الرسول المصطفى المختار

به زها المغربُ على الأقطار

أسباب نصر وادي المخازن:

1 - القيادة الحكيمة التي تمثلت في زعامة عبدالملك المعتصم بالله وأخيه أبي العباس، ولحاجبه المنصور، وظهور مجموعة من القادة المحنكين من أمثال أبي علي القوري، والحسن العلج، ومحمد أبي طيبة، وعلي بن موسى، الذي كان عاملاً على العرائش.

2 - التفاف الشعب المسلم المغربي حول قيادته بسبب أبي المحاسن يوسف الفاسي والذي استطاع أن يبعث روح الجهاد في القوى الشعبية.

3 - رغبة المسلمين في الذود عن دينهم وعقيدتهم وأعراضهم، والعمل على تضميد الجراح بسبب سقوط غرناطة، وضياع الأندلس، والانتقام من النصارى الذين عذبوا المسلمين المهاجرين والذين تحت حكمهم في الأندلس.

4 - اشتراك خبراء من العثمانيين تميزوا بالمهارة في الرمي بالمدفعية وشارك كذلك مجموعة من الاندلسيين تميزوا بالرمي والتصويب بدقة مما جعل المدفعية المغربية تتفوق على المدفعية البرتغالية النصرانية.

5 - الخطة المحكمة التي رسمها عبدالملك المعتصم بالله مع قادة حربه حيث استطاع أن يستدرج خصومه الى ميدان تجول فيه الخيل وتصول، مع قطع طرق تموينه وإمداده ثم نسفه للقنطرة الوحيدة على نهر وادي المخازن.

6 - القدوة والأسوة المثالية التي ضربها للناس كل من عبدالملك وأخيه أحمد المنصور حيث شاركوا بالفعل والسنان في القتال فكان حالهما له أثر أشد في اتباعهم من قولهم.

7 - تفوق القوات المغربية بالخيل حيث استطاع الفرسان أن يستثمروا النصر ويطوقوا النصارى المنهزمين ومنعتهم خيل المسلمين الخفيفة الحركة من أي فرصة للفرار.

8 - استبداد سبستيان بالرأي وعدم الأخذ بمشورة مستشاريه وكبار رجال دولته مما جعل القلوب تتنافر.

9 - وعي الشعب المغربي المسلم بخطورة الغزو النصراني البرتغالي وقناعته بأنه جهاد في سبيل الله ضد غزو صليبي حاقد.

10 - دعاء وتضرع المسلمين لله بإنزال النصر عليهم وخذل وهزيمة أعدائهم، وغير ذلك من الاسباب.

نتائج المعركة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير