تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما المصدر الأول للدراسات التاريخية والآثارية واللغوية، فهو النصوص المكتوبة. بالنسبة للعربية القرآن، وبالنسبة لغيرها من الساميات النقوش، التي سبقت الإسلام بآلاف السنين، والتي لا سبيل إلى التشكيك والطعن في ثبوتها – كما هو الشعر الجاهلي مثلا – وإنما تختلف وجهات النظر في قراءتها ودلالتها، أما وجودها فثابت وقطعي. على أن النتائج يمكن أن تتغير، تبعا للاكتشافات الجديدة، بل إننا لم نفرغ بعد من دراسة وتحليل ما نشر من نقوش، ولدينا منشورا في اليمنية القديمة – وحدها– أكثر من عشرين ألف نقش، سوى ما لم ينشر. بعضها يعود إلى ما قبل الميلاد بألف سنة، وهذه تفيد جدا في معرفة الأطوار التي مرت بها العربية.

الاعتراض الثالث: ليس للسامية الأم ملامح معروفة.

الجواب:

بعد مرور قرون على تأسيس علم اللغة الحديث، استقر رأي الباحثين اليوم على أن البحث في نشأة اللغة الإنسانية، بحث غير ذي جدوى، ويفتقر إلى الأدلة العلمية؛ ولذا فإن البحث فيه، هو خارج الإطار اللغوي، يقترب من علوم أخرى سوى اللغة: كعلوم النفس، والاجتماع، والفلسفة .. بل إنه يعد تجديفا في الغيبيات، وما وراء الطبيعة Metaphysics، خاصة (نظرية الإلهام والتوقيف) [1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1) ولذا؛ فقد قررت الجمعية اللغوية في باريس: عدم مناقشة هذا الموضوع نهائيا، أو قبول أي بحث فيه [2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2) وكل ما نستطيع تقريره هنا: هو أن آدم عليه السلام تكلم، وعلى هذا فلا صحة للنظريات التي تزعم أن الإنسان الأول كان أبكم، وإنما كان يتحدث بلغة الإشارة، هذا أمر يتفق عليه أصحاب الديانات السماوية الثلاث، فقد جاءت إشارات إلى ذلك في التوراة والإنجيل، أما في التنزيل العزيز فيكفينا قوله {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} البقرة31. غير أن الدرس السامي اليوم قد أثبت بما لا يدع مجالا للشك -وبالأدلة النقشية التي لا سبيل إلى ردها، بعكس شواهد اللغويين والنحاة القدامى – أن ثمة ألفاظا مشتركة بين اللغات السامية (ومنها العربية الفصحى واليمنية القديمة) تبلغ المئات، بل إن الدكتور حازم كمال الدين قد تجاوز بعددها الألف كلمة مشتركة [3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3). تلك الألفاظ – فيما يقرر الباحثون - هي أول ما لفت نظر اللغويين، ما حداهم إلى افتراض وجود لغة أم مشتركة، اصطلحوا عليها باسم (السامية الأم: Prorosemitic) وهم – كما يقول الدكتور رمضان عبدالتواب - مدركون أنها لا تخرج عن كونها افتراضا قابلا للتعديل في أي وقت [4] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4) وإذا كانت السامية الأم مجهولة، فإن الصورة ليست بالقتامة التي يصورها نولدكه إذ يقول "وإننا نريد أن نوجه سؤالا لمن يظن أن إعادة البناء الكامل للغة السامية الأم – ولو بالتقريب – أمر ممكن، والسؤال هو: هل يستطيع أحسن العارفين باللهجات الرومانية كلها، أن يعيد بناء الأصل القديم لهذه اللهجات – وهو اللغة اللاتينية – لو فرض أنها غير معروفة الآن؟ " [5] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5) فإن مقارنة السامية الأم باللاتينية فيه قدر غير قليل من مجانبة الصواب؛ فإن السامية الأم قديمة قدم التاريخ، تعود أقدم نقوشها – كما يزعم المستشرقون أنفسهم – إلى الألف الثالث قبل الميلاد، أما اللاتينية فلا يتجاوز عمرها ربع تلك الفترة، ولذا فإن تصور السامية الأم أسهل بكثير من اللاتينية، لاسيما مع الكتاب المحفوظ الذي سفينة نوح عليه السلام بعد الطوفان، أم غيرها، فإنها ولاشك أقدم لغة عرفتها البشرية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير