تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أي يوفق الله و يرشد من يختاره لاتباع نوره كما قال جل ذكره {و كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا، ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان و لكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم} {و من لم يجعل الله له نورا فماله من نور}

ثم قال تعالى: {و يضرب الله الأمثال للناس و الله بكل شيء عليم}

أي يبين لهم الأمثال لتقريب المعاني المرادة إلى أفهامهم، ليعتبروا و يتعظوا بما فيها من الأسرار الباهرة و الحكم الآسرة

{و الله بكل شيء عليم}

واسع العلم لا يخفى عليه شيء، معقولا كان أو محسوسا، ظاهرا كان أو باطنا، و فيه وعد و وعيد، وعد لمن تدبر الأمثال، و وعيد لمن لم يكترث بها.

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[18 Aug 2010, 04:22 ص]ـ

الحلقة الخامسة: تجليات المثل القرآني ـ 1

لا شك أن الأمثال هي المرآة الصقيلة الصافية لحياة الشعوب و الأمم، عليها ينعكس فكرها و نمط عيشها، و رقيها أو انحطاطها، و هي عريقة في القدم، رافقت الإنسان منذ نشوء الثقافات و ازدهارها عبر العصور، و كثرت في الكتب السماوية، و جاءت في كلام الأنبياء و الحكماء و الخطباء و الشعراء، و بلغ العرب في ضربها شأوا بعيدا، فكانت في الجاهلية ثم في الإسلام، حكمتهم و أخلد آثارهم و أكثرها جريانا على الألسنة حتى قالوا:"أسير من مثل "، و وصفوها بأنها ذات شأن غير خفي في إبراز خفيات الدقائق و رفع الأستار عن الحقائق، تظهر المتخيل في صورة المتحقق، و المتوهم في معرض المتيقن، و الغائب كأنه الشاهد.

و القرآن العظيم عندما نزل على قلب رسول الله صل1 أقر ذلكم الاهتمام بالأمثال، وكرس استعمالها ليعتبر الناس {و لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون}

وروي عن غير واحد من السلف الصالح رض3 أنهم كانوا يحزنون بل إن الواحد منهم ليبكي إذا مر بآية من كتاب الله، أو سمع مثلا من أمثاله، فلم يفهمه و هو يعلم أن الله تعالى يقول: {و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون}

ولحاجة الناس إلى ضرب الأمثال، لإدراك ما غاب عنهم و خفي، ضربها الله لهم من أنفسهم {ضرب لكم مثلا من أنفسكم} ليعقلوا بها فيدركوا ما غاب عن أبصارهم ...

و ليس لهم أن يضربوا لله الأمثال، لأنه سبحانه تنزه عن المثل و الشبيه قال الله تعالى: {ولله المثل الأعلى} و قال: {فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم و أنتم لا تعلمون}

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[19 Aug 2010, 03:44 ص]ـ

أتوجه بعظيم التقدير إلى الأخت:سمر الأرناؤوط، و الإخوة: محمد العبادي و عبد الرحمن الشهري وإشراقة جيلي محمد على حسن ظنهم بأخيهم الفقير إلى عون الله و توفيقه

بارك الله فيكم و جعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[19 Aug 2010, 09:06 م]ـ

الحلقة الخامسة: تجليات المثل القرآني ـ 2

تعددت مجالات أمثال القرآن، لتشمل كل نواحي الحياة البشرية، و استمدت عناصرها من الكون الفسيح و ما فيه من خلائق، لتبقى قريبة من الإنسان مؤثرة فيه، و اتخذت من الطبيعة ميدانا لالتقاط مختلف الصور، لا فرق في ذلك بين الإنسان و الحيوان و النبات و الجماد ...

و لا يعكر على هذا، التشبيه بالمصباح، لأنه كان معروفا في كلام العرب، و تردد كثيرا في شعر امريء القيس، الذي كان مولعا بالتشبيه بمصابيح الرهبان، مما حاول بعض المستشرقين المغرضين الطعن به في أصول أمثال القرآن من خلاله ...

قال امرؤ القيس في معلقته:

تضيء الظلام بالعشاء لأنها. . . منارة ممسى راهب متبتل

و قال عن لمعان البرق وسط سحاب متراكم:

يضيء سناه أو مصابيح راهب. . . أمالَ السليط بالذبال المفتل

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[22 Aug 2010, 03:30 ص]ـ

الخلقة الخامسة:تجليات المثل القرآني ـ 3

هال المكذبين على عهد رسول الله صل1 هذا اللون من الأسلوب القرآني، فقال المنافقون: الله أعلى و أجل من أن يضرب هذه الأمثال، و قال المشركون: ما بال الذباب و العنكبوت يذكران في القرآن؟ فرد الله تعالى عليهم جميعا بقوله: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها} لأن الغاية من ذلك هي تبيين الحق و تقريره، و فضح الباطل و دمغه ...

على أن خلق هذه المخلوقات الصغيرة مثل البعوضة و العنكبوت و الذباب، معجز كخلق الجمل و الفيل و الخيل لو كانوا يعقلون

{يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا و لو اجتمعوا له، و إن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب و المطلوب} [الحج:73]

ثم إن هذا الموقف و شبهه، ليس سوى مكابرة و عناد و جدل عقيم، و إلا فقد دأب الناس على ضرب الأمثال بأحقر الأشياء، فقال العرب على سبيل المثال:"أحمق من رجلة " و هي بقلة حمقوها لأنها تنبت على طرق الناس فتداس،أو على مجاري السيول فيأتي السيل فيقتلعها.

و ضربت الأمثال في التوراة و الإنجيل بالسوس و الوبار و الجراد و النمل و العنكبوت و الحصاة و حبة الخردل و غير ذلك ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير