تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عاطف الفيومي]ــــــــ[04 Aug 2010, 02:29 ص]ـ

ثالثًا: صور تاريخيَّة من الانحراف في تفسير القرآن:

وإنَّ الناظِر إلى الواقع المعاصِر يرى مِن الناس مَن قد أخطؤوا الطريق إلى فَهْم معاني القرآن وألْفاظه، وانحرَفوا بعيدًا عن حقيقةِ الإيمان والتسليم بالمحكَم منه والمتشابه، ووقَعوا عمدًا أو خطأً منهم في صور مِن الانحراف أو التحريف، والتأويل الفاسِد للنصوص، الذي لا يدلُّ على حقيقةِ مراد الله تعالى من كلامه المنزل، كما أخبر تعالى بقوله: ? فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ? [آل عمران: 7]، وهذا مسْلَكٌ انحرافي خطير، وله جذور تاريخيَّة طويلة ممتدة عبْرَ التاريخ الإسلامي.

1 - الخوارج:

بعد بَعْثة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ظهَر الخوارج في عصْر الصحابة - رضي الله عنهم - حيث وقَعوا في صُورِ الانحراف والتأويل الفاسِد؛ لأنَّهم أساؤوا فهْمَ معاني القرآن، وحملوها على غيْر وجهها الصحيح، حتى إنَّهم خرَجوا على عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - بعد وقْعة صِفِّين، وأنكروا عليه التحكيم، واحتجُّوا لذلك من القرآن بأنَّ مَن حَكَم بغير حُكْم الله تعالى فقد كَفَر، وهذا تأويلٌ فاسِد منهم للقرآن، وتحريفٌ واضح لمراد الله تعالى، فردَّ عليهم عبدُالله بن عبَّاس - رضي الله عنهما - وناظَرَهم بالحُجَّة الواضحة مِن كتاب الله تعالى.

2 - الشيعة والروافض:

وكذلك فعلَتْ كثيرٌ من فِرَق الشِّيعة، وفي مقدِّمتهم الروافض الاثنا عشرية؛ حيثُ قالوا بأنَّ القرآن له ظاهرٌ وباطن: "أي: إنَّ للقرآن مراتبَ من المعاني المرادة بحسبِ مراتب أهله، ومقاماتهم، وأنَّ الظهر والبطن أمرانِ نسبيَّانِ، فكلُّ ظهر بطن بالنسبة إلى ظهره وبالعكس" [7] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24134/#_ftn7).

بل واتَّهموا القرآن نفسَه بأنَّه كتاب محرَّف، وليس هو كتابَ الله الصحيح، فقالوا: "إنَّ القرآن الذي جمعَه عليٌّ - عليه السلام - وتوارثه الأئمَّة من بعده، هو القرآن الصحيح، الذي لم يتطرَّق إليه تحريفٌ ولا تبديل، أمَّا ما عداه فمحرَّف ومبدَّل، حُذِف منه كلُّ ما ورد صريحًا في فضائل آل البيت، يروي الكافي عن الصادق: أنَّ القرآن الذي نزَل به جبريلُ على محمَّد سبعةَ عشرَ ألف آية، والتي بأيدينا منها سِتَّة آلاف ومائتان وثلاث وستُّون آية، والبواقي مخزونةٌ عند أهل البيت فيما جمعَه علي" [8] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24134/#_ftn8).

ومن تأمَّل أصول "الكافي"، وجَد الكثيرَ من تحريفهم لآيات القرآن، حيث قالوا في قوله تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ? [النساء: 137]: إنَّ هذه الآية نزلَتْ في أبي بكر وعمر وعثمان، آمنوا بالنبيِّ أولاً، ثم كفَروا حيث عُرِضت عليهم ولايةُ علي، ثم آمنوا بالبَيْعة لعلي، ثم كفَروا بعدَ موت النبي، ثم ازدادوا كفرًا بأخْذ البيعة من كلِّ الأمَّة [9] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24134/#_ftn9).

3- الفرق الصوفية:

وكذلك فرِق الصوفيَّة، أدخلت أذواقَها، وكشفَها الموهوم على نصوصِ القرآن وتفسيره، فوقعتْ في فوادح وقوادح مِن الأخطاء العقدية والشرعيَّة، واللُّغوية وغيرها؛ لأنَّهم لم يتأصَّلوا حقيقةً على فهْم معاني القرآن على الوجهِ الصحيح المنقول، ولا على طُرُق الاستدلال الصحيحة المعتبَرة بشروطها.

فالصوفية: وقعَت في تعظيم شيوخ طُرقِهم وأقطابهم، وقالوا: هم الأولياء فحسبُ، وهم الأقطاب والأبدال، حتى صرَفوا لهم في قبورهم العباداتِ الشرعيةَ التي لا تكون إلا لله تعالى وحْده لا شريكَ له، وكذلك وصْفهم بتدبيرِ الكون مع الله تعالى، وتصريف أمورِ الخلْق ونظرهم في المقادير، فيأخذون عن شيوخهم كلَّ ما صدَر عنهم حقًّا كان أو باطلاً، ولا يردُّون ذلك إلى الشريعة والنصوص من الكِتاب والسُّنة كما فعَل الشِّيعة تمامًا مع أئمَّتهم، بل ويأمر هؤلاء باتِّباع الطرق الصوفيَّة والاقتداء بشُيوخها وتقليدهم، فصاروا مقلِّدين لهم بلا هدايةٍ من الله ورسوله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير