ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Sep 2010, 07:17 ص]ـ
بارك الله فيكم أخي رصين على هذه التعقبات التي ستسر الباحث الأخ عبدالرحمن النور، ولعله يتولى مناقشتك بنفسه، وإن كنتُ أراك تسارع لإثبات عجمة الكثير من الألفاظ العربية وإرجاعها للسريان أو غيرهم وتجزم بذلك كأَنَّكَ شهدتَ لحظة ولادتها دون العالمين، وأخشى أن تكون أصابتك لوثة المستشرقين الذين يرددون هذا في كتبهم هم وتلامذتهم دون دليل. وتجزم برأيٍ في أصلِ الاشتقاق لم يزل أهلُ اللغة مختلفين فيه إلى اليوم، ورفعُ الخلافِ فيه صعبٌ جداً، ولكن لا بأس بهذا في النقاش العلمي فالغرض هو الفائدة لنا جميعاً بارك الله فيكم ونفع بعلمكم.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[13 Sep 2010, 03:28 م]ـ
السلام عليكم، وعيد مبارك ..
1 - في تقديري أن هذا الربط بين الحديث ومعنى القرار في الرحم، عجيب ولا مبرر له، وإلا جاز لنا أن نجمع كل مشتقات اللفظ وإدارجها في معنى اللفظ ..
من الطبيعي أن يكون لكل لفظ عدد كبير من المشتقات اللغوية يستعمل كل واحد منها في سياق من السياقات، ولكن ليس من الضروري أن تصلح جميع المشتقات لجميع السياقات.
2 - حديث (رفقا بالقوارير) كان موضوعا لحوار إلكتروني متحمس بيني وبين مهتديين كنديين في الأيام الثلاثة الأخيرة، حيث أرسل أحدهما ترجمة رديئة للحديث، لا أدري سبب الوقوع فيها، حيث قال المرتجم ( Doucement avec les perles) ومعناها: (رفقا باللآلئ) ..
فدخلت في حوار لبيان الخطأ في الترجمة، وأيضا الخطأ في فهم المراد النبوي من الحديث.
وسأذكر هنا جملة ما أراه في المعنى المراد، وتنبيهي إن كنت مخطئا:
الحديث، في ما وجدت في تخريجه، ورد عن أنس بن مالك ..
1 - أخرج المروزي عن أنس بن مالك: كان البراء جيد الحداء، وكان حادي الرجال، وكان أنجشة يحدو بالنساء، فحدا ذات يوم، فأعتقت الإبل، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:" رويدك يا أنجشة، رويدك سوقك بالقوارير"
2 - وفي رواية أخرى عن أنس بن مالك: كان رجل يسوق بأمهات المؤمنين، يقال له أنجشة، فاشتد في السياقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أنجشة، رويدك سوقك بالقوارير"
3 - وفي رواية ثالثة عن أنس بن مالك أيضا: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان في مسير، وكان حاد يحدو بنسائه أو سائق، قال: وكان نساؤه يتقدمن بين يديه فقال: " يا أنجشة ويحك ارفق بالقوارير".
فهل كان المراد بالقوارير هنا: النساء أم الإبل؟ أم الاثنان معا؟
نعم، أدرك أن جملة ما قرأته في شرح العبارة يشير، كما جاء في لسان العرب، إلى أن العرب تسمي النساء بالقوارير: "أَراد، صلى الله عليه وسلم، بالقوارير النساء، شبههن بالقوارير لضعف عزائمهن وقلة دوامهن على العهد، والقواريرُ من الزُّجاج يُسْرِع إِليها الكسر ولا تقبل الجَبْرَ، وكان أَنْجَشَةُ يحدو بهن رِكابَهُنَّ ويرتجز بنسيب الشعر والرجز وراءهن، فلم يُؤْمَنْ أَن يصيبهن ما يسمعن من رقيق الشعر فيهن أَو يَقَعَ في قلوبهن حُداؤه، فأَمر أَنجشَةَ بالكف عن نشيده وحُدائه حِذارَ صَبْوَتِهن إِلى غير الجميل."
ولكن، ورد أيضا في لسان العرب بعد بضع فقرات: "والقَرُّ: مَرْكَبٌ للرجال بين الرَّحْل والسَّرْج، وقيل: القَرُّ الهَوْدَجُ؛ وأَنشد: كالقَرِّ ناسَتْ فوقَه الجَزاجِزُ وقال امرؤ القيس: فإِمَّا تَرَيْني في رِحالةِ جابرٍ على حَرَجٍ كالقَرِّ، تَخْفِقُ أَكفاني وقيل: القَرُّ مَرْكَبٌ للنساء."
ونجد أيضا في لسان العرب:
"أَقَرَّ الله عينه: مشتق من القَرُور، وهو الماء البارد، وقيل: أَقَرَّ اللهُ عينك أَي صادفت ما يرضيك فتقرّ عينك من النظر إِلى غيره، ورضي أَبو العباس هذا القول واختاره، وقال أَبو طالب: أَقرَّ الله عينه أَنام الله عينه، والمعنى صادف سروراً يذهب سهره فينام؛ وأَنشد: أَقَرَّ به مواليك العُيونا أَي نامت عيونهم لما ظَفِرُوا بما أَرادوا.
وقوله تعالى: فكلي واشربي وقَرِّي عَيناً؛ قال الفراء: جاء في التفسير أَي طيبي نفساً، قال: وإِنما نصبت العين لأَن الفعل كان لها فصيرته للمرأَة، معناه لِتَقَرَّ عينُك، فإِذا حُوِّل الفعلُ عن صاحبه نصب صاحب الفعل على التفسير.
وعين قَرِيرةٌ: قارَّة، وقُرَّتُها: ما قَرَّت به.
والقُرَّةُ: كل شيء قَرَّت به عينك، والقُرَّةُ: مصدر قَرَّت العين قُرَّةً."
إذن لم لا يكون مراد النبي (ص) الذي أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارا، أن يجمع عددا من المعاني في نفس الوقت:
- "رفقا بالإبل" لأن الحادي جعل قافلة النساء تسرع في المسير أكثر من قافلة الرجال، وسيؤدي هذا الأمر للحاق إبل النساء بإبل الرجال.
- "رفقا بزوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) "، اللواتي قد يتعب جلستهن الطويلة في الهودج إسراعُ الإبل
- "رفقا بزوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) " لأنهن قرّة عين النبي (صلى الله عليه وسلم).
- "رويدك سوقك بإبل النساء (أو بالنساء) " لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتقدم براحلته إبلَ زوجاته، ولاحظ أن هذه الإبل ستتجاوزه في القافلة، فأراد تنبيه الحادي كي لا يتجاوزه ركب النساء.
أجدني أميل لفهم الحديث بجميع هذه المعاني، والتي لا دخل لها مطلقا بمفهوم القرار في الرحم، الذي يمثل في أقل الحالات تأويلا بعيدا لا وجود لدليل على أنه مراد النبي (صلى الله عليه وسلم).
وفي تقديري الخاص/ لا وجود لدليل في ألفاظ الحديث على أن إشارة النبي (صلى الله عليه وسلم) مرتبطة بجمال صوت الحادي أو بمعاني الشعر التي كان يذكرها، وإنما فقط بسرعة أداء الحداء ( rythm) التي أدت إلى إسراع الإبل .. ولذلك أجدني لا أستسيغ ما جاء فس لسان العرب من أن المراد هو الخوف على قلوب النساء (فلم يُؤْمَنْ أَن يصيبهن ما يسمعن من رقيق الشعر فيهن أَو يَقَعَ في قلوبهن حُداؤه) ..
¥