ـ[رصين الرصين]ــــــــ[20 Sep 2010, 08:19 م]ـ
شيخنا الفاضل الدكتور عبدالرحمن،
أشكر لكم متابعتكم وأريحيتكم
طبعا لا يليق بمقامكم، ولا بمقام البحث العلمي الأكاديمي - وأنتم الأستاذ الجامعي - ولا بمقام منتداكم ارتجال الكلام، ولا القول بغير دليل فضلا عن القول بغير علم، ولكني لم أرد أن أخرج عن الموضوع إلى تفاصيل ليس مقامها، أما وقد أتحتم هذا هنا فاسمحوا لي بالتعليقات الآتية، مجنزئا بالسطر الأول من تعلقياتكم، وللمتابع العودة للبقية
* قلت بارك الله فيكم: لا أعرف شيئا في حياتي قدر معرفتي باللغة العربية، ولكن حبي لها وتمسكي بها لا يحملني أن أتعصب لها.
وليس في قولي رفع من شأني، ولا حط - علم الله - من شأن غيري، وإنما أردت أن أقول إني من أهل العربية، ومحبيها ولكن البحث العلمي شيء آخر، لا يليق به التعصب. الخلاصة أني أردت أن أقول للمتعصبين " لا تكونوا ملكيين أكثر من الملك " والملك الذي أقصده هو المتخصصون في العربية كالفقير إلى ربه.
هذه دعوى منك، وأنا أعلم أنك ناقل له عن غيرك
بارك الله فيكم، ليست دعوى، بل هي ما أدى إليه البحث اللغوي، بعيدا عن كلام الجاحظ واللغويين القدامى. والدليل:
أقوى الأدلة وهو ما لا يحتمل فيه ما يحتمل في الرواية الشفوية – حتى لو كانت حديثا نبويا – من وهم وسوء حفظ وغفلة ونسيان وتدليس واختلاط وكذب وافتراء، حجر أو رقيم طيني كتب عليه كلمات بلغة ما، ليس في الأدلة أقوى من هذا، خاصة في اللغة.
أن اقدم نقش عربي معروف هو نقش النمارة، وقد كفانا كاتبه مؤونة تأريخه فأرخه بنفسه وهو (328م) وهاك أول ثلاثة أسطر منه:
1 - ت ي ن ف ش م رل ق ي س ب ر ع م ر و م ل ك ل ع ر ب ك ل هـ ذ و أس ر ل ث ج
2 - و م ل ك ل ا س د ي ن و ن ز ر و م ل و ك هـ م و هـ ر ب م ذ ح ج و
ع ك د ي و ج ا
3 - ب ز ج ي في ج ب ج ن ج ر ن م د ن ت ش م ر و م ل ك م ع د .. هذا نقش من عشرات سواه، وهو أسلسها لغة.
وكما ترى، فليست هذه لغة عربية جاهلية قرآنية البتة، وأقرب شيء إليه هو اليمنية القديمة. هذا قبل الإسلام بخمسة قرون. صحيح أن " عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود " لكن السؤال: لماذا يتحدث ملك عربي لغة كهذي؟ والجواب لا يخرج عن اثنين:
1 - أن هذا كان هو مستوى اللغة آنذاك2 - أن التأثير الآرامي طغى عليه وعلى قومه، وهذا مرجوح، ولكن معناه أيضا أن العربية لم تكن - كما نعرفها نحن - في زمن هذا الملك. أما تحديد اللغويين بثلاثة قرون، فلم يأخذوه من كلام الجاحظ فقط، بل إن أقدم شاعر عربي هو امرؤالقيس، وربما قبله (المهلهل: سالم بن مرة) وهذا من المؤكد أنه لم يتجاوز قرنين قبل الإسلام. واللغويون يتعاملون مع آراء وأقوال القدامى كتعاملكم مع الحديث الضعيف" استئناس لا استشهاد ".
من قال إن سر اختيارها هو لأنَّها أخذت أجمل ما في اللغات التي سبقتها؟ ليس هذا هو السبب الوحيد، لكني لم أرد التوسع، وإلا فثمة اسباب اقتصادية واجتماعية، تتعلق بمكانة قريش سدنة الحرم المكي، منذ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ودعوة إبراهيم " وارزق أهله من الثمرات " ثم أسواق العرب (عكاظ - ذوالمجاز - ذوالمجنة .. ) ومواسم الحج. أما أول قائل بهذا الرأي فهو عمر لما أمر عبدالله بن مسعود أن يقرئ الناس بلغة قريش لا بلغة هذيل قال " فإنما نزل القرآن بلغة قريش " سبب هذا إنكار عمر قراءة (عتى حين) ثم لقف اللغويون هذا الرأي عنه، وكان أشدهم تعصبا ابن فارس (395هـ) في كتابه (الصاحبي) على أن البحث اللغوي قد دل أن هذا إنما هو غالب لا عام شامل، ولو أجرينا نسبة مئوية فلن تتجاوز الألفاظ والأساليب الحجازية 70%، وقد جاء الهمز في القرآن كثيرا وقريش لا تهمز البتة، وإنما الهمز لتميم، وأنتم أدرى مني بهذا. وفي هذا جواب عن كيف فهمت بقية القبائل لغة القرآن، على أن ذلك الفهم نسبي، وإلا ما ظهرت كتب غريب ومعاني ومشكل وتفسير القرآن منذ القرن الثاني، ولما جهل عالم بلغة العرب - كأبي بكر - ألفاظا كـ " أبا " وهي لفظة يعرفها - كما يقول الشافعي - أطفال اليمن. ذلك أن في القرآن القرشي وغيره، بل والعربي وغيره.
هذه طريقة المستشرقين أخي الحبيب .. هناك دراسات الآن تتحدث عن أنَّ اللغة العربية القديمة هي أصل اللغات كلها اليوم، ويسميها بعضهم (العروبية) تمييزاً لها عن العربية
¥