تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كان ماذا، وفي مثل هذا يرد الحديث الضعيف " الحكمة ضالة المؤمن " وليس كل ما يقولونه خطأ، ثم نحن لا نسلم به من غير تمحيص وتدقيق، وخذ مثالا واحدا: مالم يأت ناشر النقش بصورة فوتوجرافية واضحة له، فلا نقطع بوجه واحد في القرءاة، ونحتمل الكذب منه والتزوير والتدليس، بل والتلفيق، وهاك مثالا، وهو أن اسم فلسطين وكنعان يطمس طمسا من جميع النقوش القديمة، ثم يأتي المستشرق اليهودي ليقول لا يوجد لهذا النقش صورة. فهذا كلام فارغ، ومردرود على صاحبه. وحينئذ يسقط هذا النقش، كما يسقط الاستدلال به. أما من ذكرت من العلماء فهم الفطاحلة الكبار، ومنهم تعلمنا أصول النقد، لا تقليدا ولا حتى متابعة، بل نخالفهم في بعض آرائهم، كرأي إبراهيم أنيس أن القرآن لم ينزل منونا ولا معربا، وإنما شكل وأعرب في القرن الثاني الهجري. وقد رد على هذا الخطل أستاذنا الدكتور إبراهيم عوض بما تعلمون. ونعم للمستشرقين أخطاء بل وجرائم، ولكن هذا لا يمنع أن نقر بسبقهم وفضلهم في تحقيق تراثنا للأسف حتى الكتب الشرعية، ومنها كتب علوم القرآن والفقه والعقدية والحديث، فضلا عن كتب اللغة والتاريخ والأدب .. كل ذلك من باب {وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ

وهل المقصود بالأسماء في الآية الأسماء الاصطلاحية التي هي قسيمة للفعل والحرف؟ من قال ذلك من أهل التفسير الذين يحتج بقولهم؟ وليتك في هذه النقطة بالذات تورد الأدلة التي جعلته مقرراً في علم اللغة، والتي تجعلك مطمئناً هذا الاطمئنان.

لا ليس قسيم الفعل والحرف، لكنه الاسم الجامد الذي يصطلح عليه (الأصل الحسي: المادي) أما الأدلة، فسأحيلكم إلى ما يحضرني الآن وهو كتابان (دلالة الألفاظ: إبراهيم أنيس) و (فصول في فقه العربية: رمضان عبدالتواب) وكلاهما على النت، والبحث عن مصادر للمسلمات في العلوم صعب كما تعلم يا شيخ. لكن مع ذلك سأحاول أن أبحث عن مصادر أدق، وأحدد لكم الصفحة.

والخلاف هل أصل الاشتقاق الاسم أم الفعل؟ من مسائل الخلاف بين نحاة البصرة والكوفة وهي - حسب ترتيب الأنباري في الإنصاف: 235 - المسألة 28. فذهبت البصرة إلى أنه المصدر، وذهب الكوفة إلى أنه الفعل. وجاء علم اللغة المقارن؛ ليثبت خطأ الاثنين وإن كان البصرة أقرب إلى الصواب، فالمصدر فرع على شيء آخر، وليس أصلا قائما بذاته، وذلك الشيء ليس سوى الاسم الجامد. فمثلا رجولة مشتقة من رجُل وليس العكس؛ والدليل بسيط: أن الرجل وجد أولا، ثم جاءت الأخلاق والصفات. ويقول علماء الأنثروبولوجي: إن أقدم السلالات البشرية هي الصحراوية، وهذي تفكيرها بسيط وإن شئت بدائي، وأول حيوان خلقه الله - قبل الديناصورات - هو الجمل والحصان والقرد .. أسألكم: هل (الحصان: العفاف) أول أم (الحصان: الجواد) أم (الحصانة القضائية والديبلوماسية) هذي مسائل كانت تدرك بالعقل؛ حتى جاء فقه اللغات السامية، فإذا ثمة أشياء مشتركة بين جميع اللغات السامية، وقد فصلت القول شيئا ما في ذلك هنا

http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=20935

. ومع ذلك يرد سؤال: الحصانة اشتقت من الحصان، أم من الحصن؟ والجواب من الحصان؛ لأنه قطعا الأقدم. والحصن مبنى فهو متأخر، بمعنى أن الحصن مشتق من الحصان، ثم أخيرا يرد الفعل فيقال تحصن، أي تشبه بالحصان، في حمايته أو عفافها. وكذا الجود من الجواد، والخيلاء من الخيل، والغنيمة من الغنم والثورة من الثور .. وفي لهجتكم تقولون (قرادة: سوء حظ) واشتقاقها من القرد.

تدري من أين جاءت السياسة يا شيخ؟ لا يوجد في اللغة العربية كلمة تدل عليها. لكن الحصان في العبرية (سوس) فأخذ العرب هذا اللفظ قديما، وصاغوا منه سياسة الخيل، ثم سياسة البشر. لا أدري هل يكفي هذا؟ أما في علم اللغة مقرر مسلم، لا ينكره إلا من جهل اللغات السامية، ومن خالف فيه، فخلافه غير معتبر، وتعلمون أنه ليس كل خلاف معتبرا.

هذا الخلاف لا يرفعه البحث اللغوي المعاصر إلا بأدلة قاطعة، وليست متوفرة قطعاً لأن هذا يعني معرفة أولية اللغة أول وضعها، وكيف ترتب وضعها، وهذا لا يعرفه إلا الله سبحانه وتعالى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير