أظن ما سقته يرفع الخلاف في هذه المسألة، وقد اتفقنا (أظن) أن اللغات السامية أقدم اللغات البشرية، ولا أحد يقول غير هذا. فربما لا نعلم باليقين التسمية التي علمها الله آدم، لكن عندنا نقوش قديمة فيها اسماء هذه الحيوانات، والظواهر الكونية وأعضاء جسم الإنسان. وهذي لا سبيل إلى الشك فيها.
أما قولكم استدرك عليهم اللغويون، فلا أعلم أحدا استدرك إلا ما كان من إبراهيم أنيس من زلات. أما غيره فليتكم تدلونني.
فأنتَ لستَ أبا عمرو بن العلاء حتى نأخذ قولَك في لغةِ العربِ
أبوعمرو رح1 هو الذي يقول " ما لسان حمير وأقاصي اليمن بلساننا، ولا عربيتهم بعربيتنا " وأنا قد أقمت رسالتي لدحض هذه المقولة، وإثبات أن العربية إنما هي حفيدة السبئية، من صلب أبيها خرجت، ومن ثدي أمها رضعت. وقد أثبت في رسالتي أن القدامى كانوا سيئي الظن جدا باليمنية القديمة، ولذا فلم يكونوا يعرفون عنها شيئا، بل كانوا يعرفون لغات أخرى غير سامية - كالفارسية والتركية - بأفضل وأمتن. وأما نشأة اللغة فقد شطبه اللغويون من مباحث اللغة؛ لأنه يدخل في علم (الميتافيزيقا: ما وراء الطبيعة) كعالم الجن والملائكة والأرواح والأشباح. هكذا يقولون. إلا أن أصل الاشتقاق مقرر، و لا خلاف فيه.
ونحن في ملتقى أهل التفسير نحرص على أن لا نُمرِّرَ معلومةً إلا بدليلها،
وإلا فالدعاوى كثيرة، ولا سيما في تخصصك العلمي في علم اللغة المقارن، فأرجو
أن تحرص على التثبت وتخالف منهج كثير من الباحثين الذي تُسلِّمُ بأَقوالهم
وتحاجج بها كأنها من آي الذكر الحكيم أو أحاديث البخاري ومسلم.
الدليل - في البحث اللغوي - هو النص، وقد أقام القدامى علم النحو على شواهد بعضها صحيح وبعضها محرف وبعضها مكذوب وبعضها اخترعوه؛ فلو قارنت الدليل السامي بالدليل اللغوي العادي لوجدت الفرق شاسعا. أما الباحثون الذين أشرتم إليهم، فهم علمونا كيف نستنطق النصوص التي ذهب كتابها، ولا يستطيعون أن يفرضوا علينا رايا إلا أن يكون فهما للنص، أما مادة النتص فلا سبيل إلى تغييرها، ولو حدث فسرعان ما يكتشف، فهي أقوى وأوثق بكثير من الروايات الشفوية التي قامت عليها العلوم الشرعية. وأنتم تعلمون أن الشريعة قامت على غلبة الظن، لا اليقين وهذا يكفي أي مسلم لا يريد الزيغ. فمثلا لو جاء تفسير عن صحابي - فضلا عمن دونه - لا عن الرسول - فمن الذي يقطع بأنه الحق الذي لا شك فيه؟ أما تطريق الاحتمالات فكفيل بإفساد أي علم. ولذا قالوا " اجعل لعل عند ذاك الكوكب " وطبيعي أن أقوال العلماء يستدل لها ولا يستدل بها. هذا مقرر ومفهوم.
وأظننا اتفقنا على أن ثمة لغة هي الأقدم عندكم العربية، وعندي اليمنية القديمة وفيها حتى الآن عشرون ألف نقش.
ولعلنا اختلفنا في التسمية
وعموما بارك الله فيكم، وأشكر لكم توجيهكم ومتابعتكم
وأنتظر تعليقكم
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[21 Sep 2010, 12:33 ص]ـ
السلام عليكم وحياكم الله
مقال رائع، صدر فيه صاحبه عن ذوق لطيف بلغة العرب، وفقه اشتقاقها.
وأشكر رائد الخير الشيخ عبدالرحمن الشهري عن حسن اختياره ودفعه وفقهه الموافق لجمال ما في المقال.
ولي ملاحظ على كلام الأخ الكريم رصين ..
= الذي نعرفه في كتب الأقدمين والمحدثين أن العربية (اللغة) هي أعرق اللغات قدماً على الإطلاق، يكفي أن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام تكلم بها وأن جرهم (من العرب البائدة) كانت تتكلمها أيام كانت في حمى البيت الحرام، وهي اللغة التي وصلت إلى قريش وهي في حمى البيت أيضاً .. وإسماعيل كان من قبل العبرية ومن قبل أن تنزل التوراة الآرامية أو السنسكريتية أو السريانية أو العبرانية، ولا شك.
= من أعظم المغالطات حسبان اللغة العربية صناعة بشرية، فأقوال السلف تصرح بأن العربية وحي، وإنما شذ المعتزلة (الفارسي، ابن جني، ابن فارس وغيرهم) بقولهم أنها اصطلاح، وتبعهم بعضهم، ونشر المستشرقون ذلك المذهب، قياساً عن ألسنتهم المحرفة عن أصول سبقت وأمم خلت .. وخذ مثالا: أعيدت العبرية للحياة بقلب عربي اللسان بامتياز، لأن قلبها العبري مات موتاً سريرياً .. وهذا غير خاف على الباحثين.
¥