نقاش مفيد من الجميع جزاهم الله خيرا ووفقهم لما يحب ويرضى، وكنت أظن أن المقال يخص الإعجاز العلمي، فنحن نفكر لما كثر فقد الأجنة في هذه الأيام فقلت ربما وجدوا علاقة بين خروج المرأة المتكرر للعمل، أو الأسواق والارهاق وبين ما نراه.
ـ[عبدالرحمن النور]ــــــــ[22 Sep 2010, 07:39 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل محمد بن جماعة
قلت في تعليقك على ماورد في مقالة ثقافة الصحراء: " في تقديري أن هذا الربط بين الحديث ومعنى القرار في الرحم، عجيب ولا مبرر له، وإلا جاز لنا أن نجمع كل مشتقات اللفظ وإدارجها في معنى اللفظ .. من الطبيعي أن يكون لكل لفظ عدد كبير من المشتقات اللغوية يستعمل كل واحد منها في سياق من السياقات، ولكن ليس من الضروري أن تصلح جميع المشتقات لجميع السياقات"
وأود أن أوجه نظرك ونظر القارئ الكريم إلى أن مصطلح ثقافة الصحراء هو من المصطلحات المهمة لمن يريد أن يدرس تفسير القرآن، لأن الله عز وجل أنزل القرآن على أهل قرية هم "جوهر" و" أصل" صحراء الجزيرة العربية، و إذا كانت ثقافة الصحراء تعني كما ذكرت في المقالة (الإدراك التام الشامل لواقع الصحراء)؛ فإن المدلولات الحقيقية (الواقعية) لكلام أهل الصحراء تظهر في سياق ثقافة الصحراء؛ ومن أراد أن يدرك المعاني الحقيقية لشعر العرب يجب أن يقرأ هذا الشعر في إطار ثقافة الصحراء؛ لأن الشواهد والمدلولات الشعرية جاءت من رحم هذه الثقافة؛ فمثلا عند استعراض المعاني المختلفة لحديث رفقا بالقوارير يا أنجشة نرى ما يلي:
1 - قد تعني كلمة القوارير النساء لرقتهم وصبوتهم إلى رقيق الكلام والشعر كما هو المفهوم السائد لدى كثير من الناس، وهذه الدلالة يمكن استبعادها، بكل بساطة، إذا عرفنا أنه لا يحدو الحادي بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاحش من القول والدليل ما ذكرته في المقالة فيما ورد في مسند الأمام أحمد، إذا ليستبعد القارئ هذا المعنى.
2 - قد تعني كلمة القوارير النساء لضعف أجسادهن وتعرضهن للأذى عند سقوطهن من ظهور الأبل، لكن من يدرك واقع الصحراء إدراكا تاما شاملا يعرف أن النساء لا يركبن على ظهور الجمال إلا إذا تم تثبيت الهوادج (جمع هودج)، والهودج،لمن يعرف هذه الثقافة جيدا، يثبت على ظهر الجمل بطريقة محكمة جدا و لا يسقط الهودج إلى الأرض إلا إذا خر الجمل صريعا؛ كما أن الحادي يمشي الهوينا وهو يحدو بالإبل ولا يركض أو يعدو؛ إذا ليستبعد القارئ هذا المعنى، أو معنى أن الأبل ستسبق ركب الرسول صلى الله عليه وسلم.
3 - قد تعني كلمة القوارير الأبل كما ذكرت في تعليقك وهذا المعنى هو بعيد كل البعد عن واقع الصحراء ذلك أن في الأبل قوة هائلة عجيبة وتتحمل ما لا تتحمله كثير من الحيوانات ولذلك ليس هناك مجال في تشبيهها بالقوارير إذا اعتبرنا أن القوارير ضعيفة التحمل.
وإذا أخذنا بالمعنى الجديد بأن القوارير في هذا الحديث هي الأرحام فإن هذا المعنى يظهر لنا الحرص الشديد للرسول صلى الله عليه وسلم على أمته وأفرادها حتى وهي نطف تتشكل في أرحام أمهاتها على ظهور الأبل خصوصا إذا عرفنا أن هذه الأمة بدأت في قلة قليلة وحمل امرأة واحدة له دلالات وبشارات عظيمة لتلك الأمة في تلك الفترة الحرجة من تاريخ تكونها، ولا أظن أن قائدا أظهر من الرحمة والرفق بجماعته مثل ما ظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المبعوث رحمة للعالمين.
كما أن المعنى الجديد ينبه القارئ إلى خطورة حركة المرأة في بدأ الحمل، فالرحم لا يعتبر قارورة بالمعنى اللغوي إلا إذا استقرت النطفة فيه في اللحظات الأولى للحمل، وهي مرحلة حرجة في ثبات الحمل، وهذا معنى له فائدة تخص جميع نساء العالمين وفيه رحمة لجميع نساء العالمين، وقد سرني في هذا السياق مشاركة أحد أخواتنا و أمهاتنا الفاضلات وهي مشاركة أم عبد الله الجزائرية حيث قالت في مشاركتها: "نقاش مفيد من الجميع جزاهم الله خيرا ووفقهم لما يحب ويرضى، وكنت أظن أن المقال يخص الإعجاز العلمي، فنحن نفكر لما كثر فقد الأجنة في هذه الأيام فقلت ربما وجدوا علاقة بين خروج المرأة المتكرر للعمل، أو الأسواق والارهاق وبين ما نراه "، وهذا صحيح إذا أخذنا بالقراءة الجديدة التي فيها فائدة جديدة أدركتها أم عبدالله بفطرتها وحسها اللغوي، إذ أن حركة المرأة إذا تحققت فيها شروط فيزيائية محددة كما ذكرت في المقالة قد تكون سببا في عدم استقرار الحمل في مراحل لاحقة وحدوث تسقيط للجنين، أي أن أول أربعين يوما هي فترة حرجة في الحمل، وفي طبيعة بعض أعمال النساء في هذه الأيام تتوفر شروط حركية لحدوث عدم استقرار للنطفة في الرحم.
إذا هذه القراءة الجديدة تؤكد لنا هذا المعنى القديم الجديد في أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، وتؤكد حقائق طبية وعلمية عن الحمل والأرحام وتأثير الحركة الاهتزازية على ثبات الحمل.
أخي الفاضل يمكنك الرجوع إلى تعليقي السابق حول مستويات القراءة الجديدة وخصوصا المستوى الرابع وهو مستوى قراءة دلالات معاني الكلام في سياق الحدث والحدث هنا هو حركة الأبل وعلى ظهورها نساء المؤمنين. والله تعالى أعلم.
¥