تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

? يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ? [الأنفال: 29].

أجزِمُ بِأنَّ المُسلِمين لَو اتَّبعوا هَذا التَّوجيه الرُّباني في التَّعامل مَع القُرآن الكَريم؛ وصَبَروا في اتِّباع كِتابِ ربِّهم حتى يُقضَى إليهم وَحيُه، واتَّخذوا ذَلِك مَنهَجا في جَميع مَجالات حًياتِهم؛ لتبخَّرت كَثير من إشكالاتهم وتساؤلاتهم، ولَذابَت كَثير من ظُنونهم وتخميناتهم، ولاختُزلت الكثير مِن العُلوم والفُنون المُنتشرة على السَّاحة الثقافية! ولَشُفيَت القُلوب واستَراحَت، ولَوُجِدَ لكلِّ مُشكِلة – مهما كانَت-حلولا ومَخارِج بإذنِ الله تعالى ... كيف لا وبيَان الله عزَّ وجل أصدَق مَحجَّة وأَروع بيان وأحسن تفسير!!

?وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً? [الإسراء: 12]. ?وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ? [الأعراف: 52]. ?وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ? [النحل: 89].

وأجزِم أيضا أنْ لو انطَلق علماء الإِسلام ومُفكِّرُوهُم، وطلَبة الجَامِعات والأَساتِذة مِن دِراسَة القُرآن وَحدَه عَلى وَجه الإِحاطَة الشُّموليَّة قَبل تَناوُل أيِّ فنّ أو عِلم لاختَصروا الطَّريق على أنفُسِهم كَثيرا، ولمَا تَضخّمَت المُدوَّنات والمُصنَّفات بالشَّكل الَّذي نَراه الآن على المَكتبات؛ لأنَّ كثيرا مِن مسائِل تِلك العُلوم لا أساسَ لها في التَّصور القُرآني أصلا؛ والبَعض الآخَر لا فائِدة تُرتَجى مِنها، والبَعض الآخَر لَه أساس ولكنَّ طَرحَه بعيد عَن الرُّؤية القُرآنيَّة؛ ولعلَّ أبرَز مثال على ذَلك قضيَّة السُّنَّة وإشكاليّاتها التي يَعلَم الله كَم سالت فيها الأقلام ودُوِّخَت بسببها الأحلام والأفهَام قَديما وَحديثا؛ بداية مِن المصنفات والمستخرجات وكتب (الصِّحاح) والسُّنن وعلم المُصطَلح، وانتِهاء بالدِّراسات الكَثيرة المُتكاثِرة في مَوضوع حُجِّية السُّنة بين المُنكِرين والمُثبِتين؛ وممَّا هُو مَعلُوم أنَّ المَادَّة الحَديثيَّة هي المُهيمِنة على المَكتبة الإِسلَامية تَليها المادة الفِقهية ثمَّ المَادة القُرآنية (على مَا فيها)!! ولَم أجِد لِحدِّ الآن مُؤلَّفا جَامِعا يتَناول مَوضوع السُّنة مِن خِلال القُرآن باستِقراء تام ... ما هي السُّنة في القرآن الكَريم؟ من هو الرسول في القرآن (بتتبع كلمة الرسول بجميع مشتقاتها في القرآن كلِّه)؟ من هو النبي؟ ماذا يقول الخالِق العَظيم عن رسُوله؟ ماذا يقول النبي عن نفسه؟ ما معنى الطاعة في القرآن؟ هل هنالِك آيات تُدلِّل على وُجودِ وَحي ثان غَير القُرآن الكَريم؟ ما حدود الوَحي في القرآن؟ وما مدلول كلمات الحكم والشريعة والاتِّبَاع في القرآن الكريم؟ وهكذا دَواليك ... مع العلم أنه لا يكفي تتبع هذه النقاط وَحدَها ما لم يَكُن للبَاحث روح قرآنية عامَّة، ومَنطِقٌ قُرآنِي يُهيمِن على جَميع بُحوثِه؛ مِنه يَصدُر وإليه يرجِع!! وهنا أنعى على كثير مِن (أهل القُرآن) أصحاب المَوقِع المَعروف الذين وإن كانَ لَديهِم الكَثير مِن الآراء الصَّائبة (بتتبعهم لآيات الموضوع الواحد) إلا أنَّ الروح القرآنية العامَّة، والإِحاطة بِقَوانين الكِتاب يفتَقِدُها الكَثيرُ مِنهم؛ فجَنَوا على القُرآن أكثَر ما نفَعُوه للأسَف الشَّديد!!

ومَوضوع الضُّر وفقه الفِتن والمصائِب في القُرآن الكَريم مِن المَواضيع التي كشَفت أنَّ إحاطَتنا بكِتاب الله عزَّ وجل لا تزال باهِتة ضعيفة؛ فبَعد فيضان غرداية (أكتُوبر 2008م) تَضاربت الآراء بِشكل عجيب في تفسير الظَّاهِرة؛ حتى إنَّها خَضعت عند بعضهم للشُّورى ماذا نَقُول للنَّاس وما لا نَقُول؛ وبَحثت حينِها عن مؤلف جَامع محيط بآيات القُرآن في المَوضوع حتى أستأنس به في تحضير درس بإحدى المساجِد؛ فلَم أَجِد بَعد طُول بَحث؛ لولا أن أسعَفني الله تَعالى بما منَّ به عليَّ من فَهم من خلال رَحلات شَيخِنا داوود حفظه الله تعالى ورَعاه!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير